1. احتال ولا تسرق - ٢٣٦

      To read the article in other languages; Please click on the word “Language” at the top left of the page, highlighted in brown

       ملاحظة: لقراءة هذا الموضوع تلقاءيا اطبع على "جوجل سيرش" السناوي الأسرة ثم عنوان أو رقم الموضوع

       
      هذا مثل شعبي متداول في عمان، ولا أدري أصل المثل، من أين أتى وكيف أتى، ولماذا يقال، أي ما القصد من قوله، ومنذ مدة يتردد في ذهني الكتابة عنه، بسبب المواقف التي مررت بها سواء كان في الماضي أم الحاضر، ولست ادري كيف سأتناوله أي من أي زاوية الكتابة عنه، وهل القصد منه حث الناس على الاحتيال وعلى السرقة، وما الفرق بين الاحتيال والسرقة؟ إذا كانت نتائجهما واحدة؛ هو اغتصاب الشيء من شخص على غير وجه حق، وسبب ترددي في الكتابة هو هل ابدأ بسرد الحدث ومطابقته بالمثل، أم اشرح المثل ومن ثم أسرد الحدث
      أول مرة أسمع بهذا المثل كان من أحد الأخوة من سكان قريتنا؛ قرية سيح العافية عندما أتى إلى المستشفى السلطاني بمسقط مع مجموعة من أقاربه لزيارة والدي، عندما كان مرقدا عند بداية مرضه، حيث كنت أحكي لهم عن قصة الرجل الذي أتى إلى محلي لبيع الكتب والأدوات الكتابية، بولاية إبراء، في المنطقة التجارية بمنطقة السفالة، عندما دخل هذا الرجل و أخذ ينكش في جيوب دشداشته، يفتش يمينا وشمالا، يطمطم في كلامه، فسألته ماذا بك وعم ماذا تبحث ؟ فقال: " هذه الزوجة الغبية؛ بخرت الدشداشة واعطتني إياها دون أن تضع في جيب الدشداشة المحفظة" ويقصد هنا زوجته، فقلت له خذ ما تريد من المكتبة وأتي بالمبلغ فيما بعد، فقال: "سكني بعيد من هنا" وعرفت أنه من نيابة إحدى الولايات القريبة بشمال الشرقية، فقال: "أقرضني عشرة ريالات وسأردها لك غدا أو بنهاية الدوام" أي دوام العمل الحكومي الذي ينتهي في الثانية والنصف ظهرا، مما جعلني أن أشك بأنه موظف حكومي، فقال: " نعم أنا موظف بإحدى فر وع بلدية مسقط، بمسقط، هكذا بعد أن استلم المبلغ خرج مسرعا من المحل، فخرجت خلفه لأرى شكل سيارته و من خلالها عرفت أنه من الموظفين الذين يستغلون دوام الحكومة في تخليص معاملات عمالهم، وكانت تلك حركة منه وإلا كيف أخذ مفتاح سيارته، وهاتفه دون أن يتحسس المحفظة في جيبه؟ على كل حال اعتبرت المبلغ بعد خروجه من المحل بأنه ضاع، وفعلا كان ذلك صحيحا، وبالتحري عنه علمت فيما بعد بأنه فصل من عمله بسبب مشاكله التي لا نهاية لها، وعندما أتممت القصة لزوار أبي في المستشفى علق أحدهم بهذه العبارة: "احتال ولا تسرق
      الاحتيال والسرقة أو الاختلاس كلاهما وجهان لعملة واحدة، حيث النتيجة واحدة هي أخذ المال أو الاشياء من شخص، أو من دولة أو من مؤسسة عن غير وجه حق، ولكن ما أود التحدث عنه هو ما يحدث للأفراد، فالمؤسسة أو الدولة هي من تشرع الانظمة والقوانين وهي كفيلة إذاً بحماية حقوقها ولكن الضحية هم الأفراد خاصة الذين هم كما يقال عنهم (على نياتهم)، ويمكن استغفالهم أو التحايل عليهم بسهولة، وكثير من الناس تقع في الاخطاء بسبب حسن النية، والاحتيال هو اكثر بكثير من السرقة، وأخبثها، فالسرقة لا تتم إلا بالسطو تحت جنح الظلام إن كانت كبيرة أو في أي وقت عند غفلة الناس، بخلاف الاحتيال قد يحتال عليك شخص أو أشخاص في أي وقت وفي أي مكان لتسلمه ما يريد منك طوعية لا حيلة لك في ذلك، ويبقى الندب على ما اغتصب منك
      قد يظن المحتال بأنه عندما تعطيه شيئا الح هو به عليك، أنه تم ذلك عن رضاك وعن طيب خاطرك لا يدري أن الحقيقة عكس ذلك، قد تكون أنت أحوج لذلك شيء الذي كان عندك، ولكن بسبب الحاحه وممارسة الضغط عليك وبتسوله جعلك تؤثر ذلك عن نفسك، والمحتال يرى صوب واحد، وهي مصلحته، وعندما يفوز بنيل مراده منك تنتابه النشوة والارتياح بأنه حقق مراده، وكثير من المحتالين هم عجزة التفكير قد يتمتعون بصحة البدن، لكنهم فشلوا في التعليم، أو لسبب من الاسباب لم يكمل أحدهم تعليمه حتى يمتهن عمل، ولكن أيضا ليس بالضرورة كل متعلم أن يجد عملا فالأعمال تمتهن بالتدريب والمهارة
      التذمر بقصد التسول وجدته لدى كثير من سائقي سيارات الأجرة (التكسي), الذين قابلتهم، عند ركوب سيارة الأجرة، على سبيل المثال من إبراء إلى مسقط وأيضاً أثناء التنقل داخل مسقط على سبيل المثال؛ من حي دارسيت بمدينة مطرح إلى مدينة الخوير، فأنه بمجرد أن يشعر بالراحة معك يبدأ بطرح مشاكله الاجتماعية أو ينتظر حتى أن تنزل من السيارة ليأخذ رقم هاتفك حتى يتصل بك فيما بعد، ليقول ما عنده، وعندما يلتمس من حديثك أنك من الميسورين او من ذوي أفضل الحال يبدأ ان يطرح عليك مشاكله على سبيل المثال على أن دخله لا يغطي مصروفات الكهرباء والماء وايضا وجود على سبيل المثال لديه مرضى ويود مصاريف العلاج أو أن أحد افراد أسرته تعرض لحادث وعليه غرامات، أو أن ملكية سيارته منتهية الصلاحية، و ليس لديه ما يغحتطي التأمين وهكذا، وهذه القصص موجودة مع معظم الذين ركبت معهم سيارة الأجرة، قصص كأنها متفق عليها بين هؤلاء السواقين
      معظم هؤلاء السواقين الذين صادفتهم من الشباب في الأربعينات والثلاثينات، وأقلهم في سن الخمسين، أي من مواليد النهضة سنة السبعين، بمعنى أقلهم من يحمل الشهادة الاعدادية، ومنهم من تقاعد مبكرا، لديه راتب اجتماعي، أو معاش تقاعدي هذا أقل تقدير ، وعمله في سيارة الأجرة مجرد دخل إضافي له، حتى لوكان هذا لا يكفي؛ فمجال النقل والخدمات اللوجستية التي ليس بها منافسة اجنبية متعددة، كما أن لدى الحكومة برامج مساعدة للأسر
      الاحتيال في عمان لا وجود له إلا ربما عن طريق غير مباشر، وعادة ما يكون اصحابه هم الأجانب وفئة قلة من العمانيين، الذين يتلاعبون بمواقع التواصل الاجتماعي، إذ هناك جهة مختصة لدى شرطة عمان السلطانية لاصطياد مثل هؤلاء؛ مما جعل الحد منها، والتسول في عمان قد يكاد منعدم من قبل العمانيين لوجود برامج لدى الحكومة للحد منه، إلا أن في الأونة الأخيرة بدأت بعض الجاليات الوافدة العاملة تصطحب عائلاتها إلى عمان، وأخذت بعض النساء منها تتسول بزي عماني (العباية) وبالذات اخواتنا اللاتي أتين من بلدان عربية، يأتين بتأشيرات زيارة بواسطة ابنائهن او أقاربهن وعندما يتعسر بهن الحال يبدأن بالتسول، و الظاهرة هذه موجودة حتى الآن في أحياء الخوير، و مطرح، وأيضاً في روي والأماكن التي تتوفر فيها مكائن الصرف الآلي، يتصيدن من يسحب من مكينة الصرف، والعجيب هذه العادة وأقصد عادة التسول قد اختفت من الجاليات الأسيوية، بقت تمارس من قبل بعض الحالات العربية، ولكي أكون دقيقا يوجد هناك متسولين عرب من شمال أفريقيا، وشمال وجنوب الجزيرة العربية من البلدان المتضررة اقتصاديا من جراء الحروب أوعدم الاستقرار السياسي في بلدانهم، وحين تتيح لهم الفرصة
      هذا العام ٢٠٢٤ وكمثال على ما أقوله، ذات مرة أثناء إيقاف سيارة أجرة في شارع بالخوير الشارع الذي في واجهة بنك مسقط والبنك الأهلي؛ رأيت ثلاثة شباب زوار من جنسيات عربية؛ يأتون نحوي من الجانب الأيسر، يسيرون في صف معًا، وعندما اقتربوا مني؛ تراجع أحدهم إلى الخلف عن زملاءه، بينما الاثنان الأخران مرا من امامي، أخذ يطلب مني مبلغًا من المال، حتى يتمكن أن يفطر على حسب قوله، وعندما نظرت إلى قوة بدنه وبدن زملاءه رأيتهم كأنهم من الجنود الكوماندوس، فاعتذرت عن إعطاءه المال بحجة ليس لدي المال الكافي لركوب سيارة الأجرة
      ومن اللكنة عرفت بأنهم من دولة شقيقة يحبها كل عربي، وربما عادة التسول لديهم معتادة، في اعتقادهم أنها افضل وسيلة من السرقة، ورأينا أكثر المستهدفين بالتسول في بلدهم هم الزوار من بلدان الخليج، في اعتقادهم أنهم من الشعوب الغنية، ليتهم لو يدروا كيف حال بعض شعوب هذه الدول، ليس كل من يذهب للسياحة لهذا البلد العريق غني، ولكن حبه وشوقه للتعرف على الحضارة والتاريخ باعتبارها أم البلاد العربية

       

      واذكر هنا ذات مرة رفعت قضية قضائية ضد جمعية تعاونية عن طريق محامي مصري، حيث كنت ادفع اقساط شهرية لهذه الجمعية، آملا أن يأتي دوري لأستلم مستحقاتي، ولكن هذا لم يحصل؛ بسبب خللا حدث في هذه الجمعية، مما اضطررت أن ارفع ضدها دعوى عن طريق هذا المحامي، الذي كان يعمل في مكتب محاماة مشهور، بحي راقي في محافظة مسقط، وعندما ربحت القضية وحان استلام حقي طلبت من زوجتي أن تذهب لاستلام المبلغ نيابة عني ولكنه مالطها وطلب منها أن احضر أنا شخصيا، وعندما حضرت لأستلم المبلغ، أخذ يجادل و يراوغ "ويسقيني من طرف اللسان حلاوة “حتى أن قطع حق المحاماة ومبلغ ضعف اتعابه، هكذا...غصبا، ولم أكن أفهم القصد وبقيت في حيرة وخجل، لا حيلة لي آنذاك، وقفت مسطولا أمامه
      هناك عشرات المواقف التي مررت بها إن لم تكن المئات، خاصة في بعض دول الخليج كالبحرين مثلا، التي يكثر فيها التسول من قبل السكارى بعد منتصف الليل، ومصر التي يكثر فيها للأسف التسول والتحايل والاستغلال في وضح النهار، ويكون الشخص مستهدفا للاستغلال إذا كان بالذات من دول مجلس التعاون الخليجي، وكأن الخليجيين لديهم بنك اجتماعي متنقل لحل عوز المصريين، أو ماكينة صرف آلي متنقلة، الكل يود أن يسحب، لن يهنأ لهم بال إن لم يستفيد منك، حتى لو بعلبة سجائر إن كنت مدخنا
      ومن جمله القصص التي مررت بها؛ كانت في عام ٢٠٠٧ بعد أن استلمت مبلغ التعويض عن الضرر الذي لحق بمنزلي بدارسيت، من جراء الأنواء المناخية "جونو" حيث بقي لدي مبلغ من المال بعد أن اتممت إصلاح الضرر بالبيت، إذ أشرت على زوجتي أن نقضي النصف الثاني من شهر رمضان في مصر الذي صادف في ذلك العام، خاصة أنها كانت متشوقة أن ترى مصر، واقترحت عليها أن نسافر على متن الطيران المصري، حتى نعيش واقع البيئة المصرية ونحن في طائرتهم، وفعلا كانت الطائرة تشبه بأتوبيس العتبة أو العباسية بمصر، باقي أن نرى الشيشة تدور بينهم، هذا ناهيك عن ذلك الشخص الذي كان يقرأ القرآن من أول ما اقلعت الطائرة حتى خطت في مطار القاهرة، وعندما دخلنا المطار؛ بدأنا نرى الفرق في التعامل، إذ الجو داخل المطار تسوده الفوضى وسوء التنظيم، وعدم الالتزام الناس في الصفوف
      معاملة موظف الهجرة والجوازات، كانت سيئة للغاية، إذ كان يرمي الجوازات بدلا أن يناول أصاحبها باحترام، وأذكر أن أتانا شخص يعمل داخل المطار عندما كنا في الطابور لإنهاء اجراءات جوازاتنا "سألنا من أي بلد أنتم؟" قلنا له من سلطنة عمان، والزمنا أن نشتري طوابع بريدية؛ دمغة لازمة لختم الدخول، وعندما وصلنا إلى موظف الجوازات استبعدها وقال "مال – هاش - لازمة"، وعندما أخذناها لاسترداد المبلغ الذي دفعناه خصم الموظف منه النصف
      وكان ذلك أول انطباع سيء تلاحظه زوجتي، هذا وبعد أن أنهينا اجراءات الدخول من المطار، أخذنا سيارة أجرة "تاكسي" على حسابنا (إنجايج) كما يقال هنا في الخليج، لم يكتف سائق التكسي بالأجرة التي اتفقنا عليها، أخذ يضيف راكبا معنا كلما أو قفه أحد، إلى أن أصبحت السيارة تحمل أكثر مما يجب، حتى وصلنا حيث الفندق بالزمالك، الذي كنا قد حجزنا فيه مسبقا عن طريق الانترنت من عمان
      ولما عرف موظف الفندق بالاستقبال من خلال جوازات السفر بأننا خليجيين رفض قبول الدفع بالفيزا بالرغم كان ذلك من ضمن شروط الحجز الدفع ببطاقة الفيزا
      وفي اثناء تجوالنا في أحياء القاهرة وجدنا في كل زاوية متربص ينتظرنا يعرض علينا خدماته الوهمية، ولكن بحمد الله تجاوزناهم، واذكر من المواقف التي مرت بنا، عندما أخذنا سائق التاكسي إلى كازينو نقضي فيه ليلة رمضانية، على ضفاف النيل، وبعد أن أوصلنا هذا السائق؛ أخذ ضعف المبلغ؛ (أجرة التكسي بالإضافة إلى حق الدلالة للمكان) كما أدعى، ولم يكتفي بل أوصى الحارس في الكازينو أن يأخذ باله منا يقصد بمعنى أن يأخذ هو أيضا نصيبه
      وما أن دخلنا الكازينو إلا وجدناه خاليا من الزبائن تماما، وكنا نحن الاثنين هما الزبائن، استقبلنا رئيس الندل ووجهنا الى طاولة أختارها لنا على واجهة النيل، أخذنا نتلفت شمالا ويمينا لعلنا نرى زبائن غيرنا في تلك الظلمة الحالكة، و لم نر عدا ثلاثة من عمال المطعم ، ومنهم هذا الذي استقبلنا ورحب بنا، وأخذ يكرر عبارات الترحيب المعتادة من المصريين، ثم تناول المنديل من على كتفه وبدأ يمسح سطح الطاولة واختفى برهة ليأتي "بالمانيو" (قائمة الطعام)، وبعد أن تصفحناه لم نجد ما يلفت أو يفتح الشهية، فأشرت إلى زوجتي أن نطلب وجبة إسكالوب الوجبة الوحيدة التي اعرفها، عبارة عن شريحة لحم مكسية بالطحين والبيض، وما أن انتهينا من طلبنا ذهب وأتى مرة ثانية ليمسح الطاولة ونثر فيها الورد، ثم اختفى واتى مرة ثالثة ليلقي علينا نفس عبارات الترحيب أخذ يكرر نفس الحركة حتى ان أتى أخيرا بالوجبة، أكلنا منها و لم نكملها لرداءة الطبخ، طلبنا الحساب ودفعناه مع الإكرامية وهممنا الذهاب، وقبل مغادرة الطاولة أتى هذا النادل مسرعا ليتفقد الإكرامية، وأخذ يقلب مبلغ الإكرامية أمامنا، ليشعرنا بأنها لا يكفي بالرغم أنه كان يساوي ١٠% من قيمة تلك الفاتورة الباهظة، وانقلب ذلك الاستقبال والترحيب منه رأسا على عقب
      هكذا و في نهاية الزيارة، عندما هممنا بترك الفندق والعودة إلى بلدنا، لم يقبل موظف الاستقبال بطاقة الفيزا الخاصة بنا، وأنكر أن الفندق لا يأخذ أي بطاقة مصرفية، وسيكون الدفع نقدًا، إذ بينا له من جانبنا بأن عندما حجزنا في الفندق كان مبينا الدفع ببطاقة الفيزا لكنه نفى و أصر على موقفه، ذلك مما جعلنا الخروج والبحث عن مكينة الصرف الآلي، ولم نجد في معظم احياء القاهرة تقبل بطاقاتنا عدا مكينة واحدة وكانت تابعة لبنك قطر بعد أن وجدناها بصعوبة في حي مصر الجديدة، التي قبلت أخيرا البطاقة وصرفت لنا المبلغ، أنهينا معاملة الخروج من الفندق و توجهنا فورا إلى المطار، وبينما كنا ملتزمين الصف في طابور " كونتر" تذاكر رحلة الطيران المصري بالمطار، جاءنا ضابط بزي أبيض اللون؛ عليه رتبة عسكرية ظاهرة من خلال عدد النجوم على كتفيه، سحبنا من الطابور دون مقدمات، فقط سمعنا منه "كلمة تعال " مقتحمين الصف متجاوزين كل أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كانوا منتظرين أدوارهم، إلى رأس الطابور ، شعرت بالخجل عندما رأيت الكل ينظر إليناباستغراب، استولى على التذاكر، والجوازات مع محفظة النقود التي كانت في يدي اليمنى، لينهي معاملاتنا مع موظف الكونتر كأننا أحد أقربائه، دفع الرسوم، وأخذ ما تبقى من المبلغ في المحفظة، جراء عمله ولحسن الحظ كان المبلغ المتبقي لا يتعدى بضع جنيهات
      الشعوب مرآة حكامها، إن أردت أن تعرف عن مدى نزاهة الحكومة، واهتمامها بشعبها، و سلامة نظامها الاجتماعي، وعدالته، تراه هذا يتمثل في سلوك الشعب، وقد تلمس ذلك منذ نزولك من الطائرة، ودخولك المطار، ومن خلال تعامل الموظفين داخل المطار، و موظفي الهجرة والجوازات، ومن ثم عند أخذ سيارة الأجرة واتجاهك إلى الفندق، وأسلوب معاملة سائق سيارة الأجرة، والمعاملة داخل مرافق الفندق، ومن ثم التعامل في السوق، ومع التجار والباعة، ستلاحظ ذلك إذا كان يوجد هناك سلوكا حضاريا، ومدى استعداد الشعب في تقبل السياحة، من خلال التعامل في المطاعم وفي المرافق العامة وأينما تذهب، وإن لاحظت هناك تسول أو احتيال أو ابتزاز أو سوء معاملة فأعلم بأن هناك خطأ في الحكومة، لإن الحكومة لا تحسن إدارة اقتصادها ولا تولي اهتماما في الشؤون الاجتماعية لشعبها، هناك فساد اداري ليست العلة في الاقتصاد ، بل العلة في من يديرونه ويديرون الحكم، اليابان بلد فقير بموارده الطبيعية، شعبه لا يتسول، لا يقبل الإكراميات (البقشيش)، بلد غير مسلم، مزدحم سكانيا، بلد صخري متعدد الجزر و متفرقة، ولكنها من أغنى الدول في العالم وشعبها من أرقى الشعوب
      هكذا، فظاهرة التسول والاحتيال والابتزاز والاستغلال، و أي طرق تستخدم لاستلاء على الأموال من شخص أو من مؤسسة، ظاهرة سيئة، تعكس عن مدى سوء إدارة الدولة لاقتصادها وأيضاً انعدام التربية الصحيحة لدى الأهل لأولادهم، واخفاق المدرسة في بناء جيل جيد، ليست المشكلة في الاقتصاد وانعدام الموارد الطبيعية بل المشكلة في عدم ادارة اقتصاد الدولة ادارة صحيحة والانتباه إلى ما يتعلق بالشؤون الاجتماعية للمواطن، ودول الخليج بسبب سياستها الرزينة انعدمت فيها الاضطرابات السياسية التي نراها في الدول التي تدعي الديمقراطية والتي تسمي نفسها بالجمهوريات، هي اكثر خللا لانعدام الولاء للقيادة، بلدان الخليج نظمت اقتصادها وأحسنت إدارته فالتسول والاختلاس والاحتيال يأتينا من الزوار الذين يأتوا من دول بها مشاكل اقتصادية، يصدرون مشاكلهم إلينا ونرى معظم المتسولين من الأجانب أو الوافدين العرب 

      1. عبد الله السناوي - شارك