1.  التعامل السيء  - ٠٢٠

      المقدمة

      أنا لست بكاتب أو أديب امتهن الكتابة؛ كتابة القصص أو الروايات، ولست أيضا في ذلك المستوى، إذ ليس هذا من تخصصي الدراسي، فأنا انسان عادي يهوى التدوين، عن كل ما يصادفه في حياته ويستحق الإهتمام، بحيث أن يكون مفيدا للغير
      لدي هذه الهواية منذ الصغر أي التحدث عن ما يصادفني في الحياة، وتدوينه، ليبقى مسجلا على الورق يفيد من يأتي من بعدي، أي لست أديبا أو كاتبا كما اسلفت، يتصنع وينمق الكلمات يبحث... عن مواضيع ليكتبها حتى ينال الشهرة، فما أكتبه فهو لنفسي، ولمن يأتي من أحفادي، أو من بعدي، وحتى أن يحين ذلك فلتبقى رهينة الورق، إلى أن يعثر عليها
      فبعد أن حصلت على تقاعدي في عام ٢٠٠٣ كان لدي وقت فراغ كبير فلا بد من استغلاله مما جعلني أن استشير ابني وضاح ( اخصائي الكمبيوتر)، إذا كان أن اطبع ما كتبته في كتاب أم أن أدونه في مدونات الكترونية، فأشار لي هذا الأخير، فأنا يمكن أن يقال عني مدونا وليس أديبا أو كاتبا. هذا فهذه مقالة أخرى حديثة، عن ما صادفته في شهر رمضان ١٤٤٥ه‍، أرجو أن تنال اعجابكم
      To read the article in other languages; Please click on the word “Language” at the top left of the page, highlighted in brown

       ملاحظة: لقراءة هذا الموضوع تلقاءيا اطبع على "جوجل سيرش" السناوي الأسرة ثم عنوان أو رقم الموضوع

      التعامل السيء

      اليوم، صباح الثامن من رمضان من عام ١٤٤٥ تذكرت إننا على مشارف الثلث الأول من شهر رمضان المبارك، و بالتالي يستوجب البدء بتجهيز متطلباتي الشخصية للعيد، من ملابس وما يستوجب لبسه للمناسبة،...قبل أن يكتظ الناس على الخياطين ومحلات بيع الملابس، فإذا لم اسرع الآن؛ فإن محلات الخياطة الخاصة بتفصيل الدشاديش ستزدحم ويصبح من المعسر العثور على خياط فارغ، لتخييط حتى لو لدشداشة واحدة، إلا إذا كان تم شراءها جاهزة، والتي عادة لا ينضبط مقاسها، ولا يمكن اختيار القماش المناسب، أو الجودة المطلوبة المناسبة
      هكذا، وفعلاً توفقت بأن أجد سيارة الأجرة من الشارع العام بدارسيت إلى المركز التجاري بروي الذي يعرف بمركز عمان والكويت التجاري يختصر ( أوكي سنتر)،...مبنى تجاري كبير، به عدة طوابق، و يكتظ بالمحلات التجارية ومكاتب. كان في التسعينات سوقا نشطا في أوائل عهده، قبل أن تأتي المولات (المراكز التجارية الشاملة)، التي نعرفها الآن و المنتشرة في انحاء البلاد، على كل حال هناك توفقت أن أجد ضالتي؛ الخياط الذي أعتدت تخييط ملابسي عنده، بحمد الله
      نظرت إلى الساعة فوجدتها تقترب من الحادية عشر قبل الظهر، لدي هناك حوالي ساعة ونصف الساعة قبل أن يحين وقت صلاة الظهر،...لدي متسع من الوقت لأنجز ما أريد من المحلات التجارية في سوق روي،... المحلات المحاذية لمركز الشرطة، حيث اعتمد أن أدي الصلوات بجامع قابوس بروي كلما زرت المحلات التي بشارع روي، هذا الشارع مليء بالحيوية، خاصة أيام العطل والإجازات الرسمية إذ لا يقل أهمية عن سوق مطرح، ويزدحم بالوافدين الأجانب في أوقات المساء، لذا أحب زيارته من وقت لآخر، هذا فعندما لم أجد ما أريد اتجهت إلى "نستو" (الهيبر - ماركت) المحل المقابل، محل تجاري كبير أنشأ حديثا، محاذي لمركز الشرطة من ناحية الشرق، محل تجاري في مصاف المحلات الكبرى التي تعرف بالمولات، ولكن للأسف الشديد هذه المحلات لم تسهم بشكل فعال حتى الآن في تشغيل الأيدي العاملة الوطنية، اعتمادها الكلي على الأيدي العاملة الوافدة قليلة التكلفة كعمال مناولين وباعة، لا يتحدثون العربية ولا يتقنون اللغة الانجليزية، مع هذا نرى هذه المحلات ناجحة وذلك بفضل التقنيات الحديثة، ولأن أيضا معظم زبائنها من بني جنسياتهم، حيث عدد السكان الأجانب في عمان يقترب من النصف وهذا مؤشر عن مدى حركة السوق من قبل الأجانب، فعامل اللغة لا يشكل بينهم أهمية، و باقي خدماتها تسير بواسطة كمبيوتر
      وأذكر على سبيل المثال عندما دخلت هذا المحل لأسأل عن المكان الذي سأجد فيه صناديق "التبريد" (كوول-بكس) لم يفهمني أحد من هؤلاء الباعة، وأخذت أردد كلمة "كوول- بوكس" عدة مرات مرة بالعربية ومرة بالإنجليزية وفي النهاية أشار لي أحدهم أن أذهب إلى مكان الملابس، وانتهى بي الأمر أن خرجت من المحل بلا جدوى، وهذا الكلام ينطبق على المحلات التجارية الأخرى، التي بها باعة من الجنسية البنغالية، محلات مثل؛ (لولو، مايا، رامس، مارس و مكة)،...وامثلة كثيرة بخلاف محلات كافور أو من ماركات أوروبية
      هكذا عندما اتجهت الى البائع الأسيوي ليرشدني للقسم الذي يختص بصناديق التبريد لم يعرف "الكوول-بوكس" حتى إني شرحت له عن استخداماته مع هذا لم يستطيع الفهم، وكأنه لا يعمل في المحل، هذا ما أعتدنا أن نجده في المحلات التجارية التي تدار بواسطة عمالة وافدة، المواطن الكفيل لا يملك فيها عدا الاسم والسجل التجاري، حيث تجلب لهذه المحلات عمالة اجنبية لا تخدم إلا من بني جنسها لهذا السبب العمالة الأجنبية في عمان اصبحت ما يضاهي عدد نصف سكان البلد.
      وبعد معاناة وتردد من الطابق الارضي إلى الطابق العلوي بحثا عن ما اريده، قررت أن اترك المكان والعودة إلى مسكني، وكانت اقرب محطة نقل عام للحافلات قابلتي هي المقابلة لهذا المحل التجاري، التي تعرف بمحطة "مواصلات" و هنا يبدأ المشهد الثاني من القصة، فعندما دخلت الحافلة وجدتها فارغة تقريبا تنتظر الركاب، فوجت بها عدد اربعة او ثلاثة ركاب، امرأة تجلس في الكرسي الأمامي على يمين السائق وهناك زوجان يجلسان في آخر كراسي الخلفية للحافلة، لم ادركهما إلى عندما جلست و رأيت المرأة التي أمامي تلتفت مرارا للخلف، وكأنها تود ان تدعوا الزوجين إلى الكراسي التي في الأمام المخصصة للنساء والعائلات،...الكراسي الأمامية التي خلف السائق مباشرة
      بعد دقائق قليلة دخل سائق الحافلة إلى الحافلة، وجلس على مقعده، ثم نادى الركاب ليأتوا إليه حتى يحصلوا على تذاكرهم، بينما يجب أن يكون العكس، يفترض أن يأتي السائق أو محصل التذاكر إلى الركاب لإصدار لهم التذاكر، هذه الطريقة التي اتخذها السائق غير معتادة إذ تخلق نوع من الفوضى داخل ممر الحافلة بسبب التزاحم على التذاكر، وأيضا تسبب مضايقات للركاب الذين يجلسون في الكراسي الأمامية خلف السائق، خاصة عندما تكون الحافلة ممتلئة بالركاب ذات سعة ٤٨ راكبا، الحمد الله إذ كان العدد هذه المرة قليلاً ،لا يتجاوز خمسة أفراد
      استلم جميعنا التذاكر عدا الزوجان اللذان في المقاعد الخلفية من الحافلة، و قبل تحرك الحافلة بثواني دخل المفتش أو مدقق التذاكر داخل الحافلة، وهو شاب في الثلاثينات من العمر يرتدي فوق الدشداشة جاكيت سليف-لس" (بدون أكوام - فسفوري اللون) وبدء يسأل كل راكب عن تذكرته، إلى أن وصل إلى الكراسي الخلفية بذيل الحافلة، حيث يجلسا الزوجان ومعهما طفلهما الرضيع، وعاد من هناك ليخبر السائق بصوت مرتفع بأنه انزلهما من الحافلة لعدم لديهما أجرة الحافلة، حيث يبدو أنهما زائران اعجميان لا يفهمان أي لغة عدا لغة بلادهما،، وعندما التقطت الكلام طلبت من المفتش أن يرجعهما إلى الحافلة حيث ساتكفل بالأجرة وفعلاً تم ذلك اوقف السائق الحافلة وعاد الزوجان مع رضيعهما إلى الحافلة، وعاتبت المفتش على سوء تصرفه، الزوجان من مظهرهما يبدو أنهما من عائلة محترمة، الزوج يرتدي قميصا ابيض اللون بكوم طويل و سروالا بني غامق اللون، مع حذاء جيد، بينما الزوجة محجبة و ترتدي العباية الفارسية، عاد الزوجان إلى الحافلة وفهموا بان أحد الركاب تكفل عنهما أجرة الحافلة، دفعت الاجرة إذ كان مبلغا زهيدا لا يتجاوز ٦٠٠ بيسة، وهو عن تكلفة الرحلة من محطة الحافلات بروي إلى ميناء السلطان قابوس بمطرح، لعل مقصدهما لإحدى الفنادق هناك. وبعد أن استقرا الزوجان في الحافلة، سألت المفتش عن جنسية الزوجين وعدم استطاعتها دفع الأجرة، فقال "بأن لديهما عملة اجنبية الدولار،" وليس لديهما عملة محلية، فهنا زاد فضولي لمعرفة سوء تصرفه فأعطيت المفتش خمسة ريالات عمانية يعطيهما حتى يدبران أنفسهما خاصة أن لديهما رضيع ونحن في شهر كريم، واجبة فيه الصدقة، ومن أجل أيضا رفع سمعة بلدنا الذي يشتهر شعبها بالتسامح وطيبة النفس
      عندما سألت هذا المفتش لماذا تسرع في البداية وانزل هؤلاء من الحافلة؛ كان رده اقبح من ذنبه، إذ قال رأيت من العيب أن اطلب منكم أن تدفعوا عنهم الأجرة، وهذا في نظري تصرف خاطئ، نحن شعب مسلم وفي بلد عربي وهذان زائران مسلمان في شهر فضيل ، التصدق لهما واجب فيه أجر، وشركة المواصلات ليست بشركة شحيحة ، لابد من متبرع خاصة أن المبلغ كان زهيدا جدا، وقد قمت في عدة مناسبات سابقة بمثل هذه المبادرات بدفع عن ركاب لم يملكوا (فكة مبلغ), وأذكر من المواقف ذات مرة، كنت مستقلا سيارة أجرة (تاكسي) من تقاطع شركة بيبسي كولا بمنطقة الغبرة قاصدا بيت والدتي بمنطقة الخوير، عندما استوقفتنا امرأة على قارعة الطريق تتصبب عرقا من شدة حرارة الجو تطلب من السائق أن يوصلها مقصدها، وليس معها أجرة التاكسي، فكانت ردة فعل السائق أن تجاهلها وأراد أن يهم المسير، لولا تدخلي و تكفلي بتحمل الأجرة نيابة عنها، ويبدوا أن المرأة عربية، ربما من مصر استشفت من لهجتها، وعندما أوصلناها مقصدها، اعطيتها ريالا لكي تستعين به عند الرجوع، فمثل هذه المواقف من صفات الرجولة، والاخلاق الحسنة خاصة اتجاه الغرباء وزوار البلد، ولابد من مرونة في العمل ومساحة تسمح للموظف مساعدة المضطر، التصرف في مثل هذه الحالات من قبل موظفي شركة النقل العام لن يكلف شيئا بل يكسبها مودة الناس وولاء لخدماتها
      والعجيب أن الحافلات العامة "مواصلات" بها اجهزة ذاتية الدفع، إذ يمكن للراكب أن يدفع قيمة التذكرة عند مدخل الحافلة بواسطة هاتفه، المزود بتقنية (كيو - بار - كود)، يسمح هذا التطبيق أن يخصم المبلغ من محفظة هاتف المستخدم، الذي تم تعبءته من الحساب البنكي مسبقا، ويمكن ايضا؛ إذا لم اكن أنا مخطئاً ؛ ان يقبل هذا النظام عملات أخرى بالإضافة إلى العملة المحلية، ومع هذا حتى لو لم يكن هذا ممكنا، فإنه كان من الممكن للسائق استلام منهما الأجرة بالدولار واستبدله من مكتب صرف العملات الذي بالمحطة، بعد انتهاء دوامه، كخدمة إنسانية يقدمها نيابة عن الشركة، ولكن للأسف الولاء وحب العمل غير موجود لدى كثير من العاملين، وهذا يعكس عن مدى الرضا عن بيئة العمل السائدة داخل الشركة، وقد وجدت من خلال تعاملي مع هذه الشركة، شركة النقل العام "مواصلات" باستخدام حافلاتها؛ لا أحد من موظفيها يتحدث عنها بحسن عدا التذمر، للأسف وكالمعتاد الاجهزة التقنية التي تدخلها الحكومة في خدماتها؛ لا تفعل بشكل صح، غالبا ما تكون فاشلة، أو لا يمكن الاعتماد عليها بسبب عدة عوامل ومنها الإدارة، وأبسط مثال هنا؛ خدمة الدفع الذاتي داخل هذه الحافلات؛ أما عاطلة وأما بطيئة العمل لذا نرى هناك عزوف من قبل الناس عن استخدامها لإنها غير موثوق بها

      1. عبد الله السناوي - شارك