1. التصويت مقابل المال - ٠٧٥

      حك لي ظهري وأحك لك ظهرك" كما يقول المثل الامريكي، هذه سياسة التعامل عند الامريكان، والامريكيين دائما يبحثون عن ثغرات في القانون، ويستغلونها، فلذا نجد في امريكا من يحكمها هم القانونيون بمعنى؛ كل شيء يتم عن طريق القضاء وعن طريق المحاميين، لا توجد لديهم شريعة دينية، كما لدى المسلمين، فقوانينهم وضعية هم من أسنوها لأنفسهم
      وهذا قد يكون طبيعي، لأنهم متعددي الأعراق، ليسوا كالشعب العربي، فالمحامي الذكي عندهم؛ يعرف كيف أن يستغل ثغرات القانون لصالح موكله، فتجد هناك محامي متخصص في البحث واستغلال ثغرات القوانين عندهم لاكتساب معيشته، بدلا أن يكون عاطلا أو باحثا عن عمل، فمنهم بارع في استغلال الثغرات في قوانين التعويضات، ومن ضمنها القوانين الانتخابات
      و من هذه الثغرات القانونية، جميع الامريكيين الذين يترشحوا للمجالس والدولة، لديهم وكالات أو لجان متخصصة بل محترفة وتستأجر خصيصا في فوز المترشح تستخدم شتى الوسائل، ويفوز المترشح اذا كانت هذه الوكالات جيدة ولها مستوى عالي في التأثير، سواء كان ذلك بطرق مشروعة أو غير مشروعة، المهم أن لا يطالها القانون، وهذه تجارة مربحة بالنسبة لهم، ليس هناك من يعمل لله (وفي ميزان حسناته), كما هو الحال عندنا
      هذه الوكالات الانتخابية قد تدفع مبالغا طائلة للناخبين لاكتساب أصواتهم لصالح موكليهم، وتدعم من قبل شركات تجارية وصناعية كبرى أملاً من المترشح أن يسعى لتغيير بعض القوانين لصالحها، وهذا شيء بالنسبة لهم في امريكا طبيعي جداً، وهنا عندنا في عمان عندما يحدث مثل هذا نراه طبعاً مخالفاً لمبادئنا و مخالفاً لشريعتنا ومخالفاً لتقاليدنا؛ لأنه شيء غريب أن تعطي شخصا مبلغا من المال مقابل أن يدلي بصوته، لصالحك. كيف لشخص متواضع التعليم، من ذوي الإعجازة بالكاد يجد قوت يومه، أن يصوت لشخص لا يعرف عنه شيء عدا أنه كثير الظهور في وتساءل التواصل، بكلمات رنانة "يعطيك من طرف اللسان حلاوة
      ويروغ منك كما يروغ الثعلب" وبعد ان يفوز في الانتخاب ويصبح عضواً في مجلس الشورى أو البلدي يختفي عدا عند المقربين عنده؛ ماذا عسا أن يستفاد منه؟، إن مثل هؤلاء البسطاء يهمهم كسب قوت يومهم واستيفاء متطلبات أسرهم قبل كل شيء
      ومن خلال احتكاكي مع مثل هؤلاء البسطاء وجدت بعضهم على حق، هناك من لديه ولد باحث عن عمل، وآخر مسرح من عمله، وغيره محال للتقاعد المبكر، وهناك من عاجز عن دفع فواتير الماء و الكهرباء معتمد على تبرعات الجمعيات، وأهل الخير، خاصة في مناسبات الاعياد، وعند بدء العام الدراسي الجديد في كل موسم، وغير ذلك من مشاكل الزواج والانفاق، بسبب لوجود انظمة ومشاكل اقتصادية "لا له ناقة فيها ولا جمل". في نظري من يود معرفة حقيقة معيشة هؤلاء الناس أن يحتك بهم، وأن يعيش معهم، فليترجل عن سيارته المكيفة، وأن يجوب سكك وأسواق هؤلاء البسطاء، إن أراد أن يكسب ودهم، وإلا تبقى المسألة مسألة تعامل مصلحي
      بالأمس عندما زارني صهري او عندما اجتمعت أسرتي للعشاء في بيتي دار نقاش طويل بين ابناي، وعلمت بأن شراء الأصوات بلغ إلى ٢٥ ريالا في بعض المناطق، وأن الوزارة المعنية لها السيادة في قبول أو رفض أي فائز دون إبداء السبب وهذا في نظري ظلم إن لم تكن هناك محكمة مستقلة تحسم الأمر، هذا وقد نرى يفوز في الانتخابات لا سمح الله من ذوي الرشاوي، أو من لديه عائلة كبيرة تسانده في التصويت. إذ إنه من الطبيعي أن يتعامل معك الإنسان البسيط على أساس المصلحة (التصويت مقابل المال)، لأن الناخب لا يستفيد كما هو يعتقد من ترشيحك في مجلس الشورى، بل انت تذهب لتتنعم بالخصائص والمميزات تنسيك من انتخبك بينما يبقى هو  في جحيم بؤس  حاجته 

      1. عبد الله السناوي - شارك