1. هل نحن نعيش في غير واقعنا - ٢٣١

       
      لقد مضى اكثر من خمسة عقود منذ أن تغير وجه عمان، حتى تلحق بمثيلاتها من دول الخليج التي حظيت بالتنمية، إلا إننا نرى عمان مازالت متأخرة لم تحظ بالتقدم الذي حظيت به قريناتها من هذه الدول المجاورة لها، بالرغم من؛ أن موارد عمان الطبيعية بها ما يكفي لتنميتها مقارنة بعدد سكانها وزيادة. ومع هذا عمان لم تواكب جيرانها في التمدن، و لا في التنمية ولا في كيفية استغلال مواردها ومقوماتها السياحية بالشكل الصحيح، مما أنعكس هذا التأخر على صعوبة الحياة المعيشية على المواطن، سواء كان في الدخل أو في إيجاد العمل، لست أدري كيف يتم التخطيط لاستغلال ثروات البلاد
      مازلنا نرى بعض ولايات المحافظات (التي خارج مسقط – شمال الشرقية) مازالت كما هي كانت في الثمانينات ومن ضمنهن ولاية إبراء، فمثالاً ؛ الولاية ليست في مستوى حداثة القرن الحالي. إذ مازلنا نرى الخدمات التي تقدمها البلدية؛ متواضعة جداً وتفتقر للكثير؛ كصيانة الطرق، وصيانة إنارة الشوارع، والنظافة – صناديق القمامة، و ما يتعلق بالصحة العامة، وخلافها من الخدمات التي تتعلق بالتجميل أو التشجير، وأيضاً تدني الرقابة على المباني العشوائية وأقصد (مساكن متراصة مزدحمة يفتقر بعضها للصرف الصحي السليم بمعايير سكن ومعيشية أندنى من سواها) تسكنها العمالة الأسيوية الوافدة، وانعدام الرقابة على النظافة في السكك بين هذه المساكن، المليئة بالمخلفات والقمامة، أو تسرب المياه الفائضة من خزانات البيوت
      و أيضاً مستوى الخدمة في المرافق العامة متدنية، حتى أن الحدائق قليل من يرتادها بسبب ضعف الخدمات فيها، و إذا ما أشتكى مواطن أو طالب بالتحسين فإن صوته لا يسمع، وأحياناً يخرج مسؤول بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالأُخْرَى في وسائل الإعلام بعشرات من المبررات التي لا تسمن و لا تغن من جوع
      ويمكن للمتتبع أن يرى ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ؛ سيرى ما يرد من تعليقات أو ملاحظات في هذا الشأن، ليس كل ما يكتب خطأ طبعاً أو كما يعتقد البعض عارٍ من الصحة،...لكن للأسف "لمن تقرأ زبورك يا داوود" وأنا هنا لست متجنياً على أحد ولكن كما يقال "طفح الكيل"
      والعجيب أن الأوساخ ليس مقتصرا انتشارها في الشوارع أو السكك الخلفية للمباني، فحسب؛ بل حتى داخل بعض المؤسسات الصحية التي تعالج الناس من الأمراض، ومن يزور مستشفى السفالة الواقع في منطقة السوق سيرى ذلك جلياً لا أقصد في يوم سوق الأربعاء بل طوال ايام الأسبوع فالفناء الخلفي للمستشفى من جهة الشرق تكدست فيه مخلفات البناء والحشائش البرية، أو النباتات البرية من جراء هطول الأمطار، تختبي تحتها الأفاعي والزواحف، ناهيك عن علب المأكولات المهملة، تطاير هنا وهناك؛ من أكياس، و ورق، و علب المشروبات الغازية، وبلاستيك، ولا أظن عامل النظافة قد مر هناك أبدًا، حتى أن حاويات جمع القمامة في السكك التي خلف جدار فناء المستشفى نادراً ما تراها مُفرَغة،... تجد فيها القطط تتسكع أشكال وانواع تبعثر بمخلفات الأكل، إذ تكاد المنطقة التي يقع فيها المستشفى أسوء منطقة من ناحية إهمال النظافة؛... من الشرق والجنوب بما في ذلك سوق السفالة من جهة الغرب
      نظافة المدينة وتنظيم مبانيها وتجميلها من اختصاص البلدية و يبقى اللوم موجه على البلدية في حالة الاخفاق، حتى لو كان هناك مؤسسة تقوم ببعض الاعمال ألاخرى نيابة عنها، لإن المجلس البلدي يجتمع بناءً على الخدمات التي تقدمها االبلدية
      رئيس البلدية في البلدان المتقدمة يعتبر حاكما محليا وله شأن، ويتمتع بصلاحيات واسعة في تطوير المدينة أو الولاية ليس "تفق برزة" و من واجباته أن يضع أو يقترح الموازنة السنوية المناسبة، للخدمات المطلوب تنفيذها، سواء كان لصيانة دورية أو وقائية أو تصحيحية بما في ذلك المشاريع الترفيهية الصغيرة التي يستفاد من رعيها، وهذا بلا شك من صميم الإدارة المحلية، وهناك معاهد متخصصة في الإدارة العامة تؤهل القيادات المحلية، و المسؤولين المحليين، بصرف النظر عن المؤهلات التي يحملونها، معاهد موجودة في معظم الدول ومن ضمنها سلطنة عمان، إذن ما العذر لرئيس البلدية أن لا يقوم بواجبه، و وضع الموازنة المالية المناسبة لكل خدمة، لا عذر لعبارة "لا يوجد اعتماد مالي" للأسف نلاحظ هناك إجحاف في حق بعض الولايات بينما غيرها يسودها البذخ في الانفاق، خاصة ولايات محافظات مسقط، وكأن سلطنة عمان فقط مسقط وظفار، هناك حلقة مفقودة في المنظومة الإدارية
       
      بالمختصر؛ المشاريع في ولاية ابراء شحيحة بالرغم من تعاقب عدد من المحافظين عليها على سبيل المثال مشروع صرف صحي سفالة إبراء صرفت عليها ملايين الريالات لتنفيذه وإلى الآن لم يشتغل أو يستفاد منه، بالرغم من مرور سنين على إنشاءه، و هناك شوارع و طرق ما زالت كما هي في الثمانينات، معظمها متهالك، و أضيف إلى ذلك مستوي النظافة في السكك "صفرا" الزبالة وتسربات المياه في كل مكان، لم نر أي مشاريع تجميلية او تحسين في الخدمات عدا ذلك الدوار الذي أنشئ منذ عشر سنوات عند تقاطع طريق وادي نام، ولا توجد مشاريع إنمائية،... لا في الزراعة ولا في السياحة، والشباب عاطل عن العمل، يكاد لا يخلو بيت من باحث عن عمل، والتجارة "لا تملئ فنجان قهوة،...بضعة بنجال، يعملون في محلات الحلاقة، والخياطة، و بيع البطانيات وأواني منزلية،... وعمانيين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة يبيعون ويقطعون السمك في سوق السمك
      أما المحلات التي تسمى "هيبر - ماركت" فبعضها أغلق بسبب الافلاس، أو قلص حجمها أو أعيد تسميتها " مجرد خدع تجارية لاستقطاب الزبائن" ، أما السياحة فحدث ولا حرج؛ مباني الجص والقلاع أصبحت اطلال ومنها خرب و مساجد الجص تنتظر من يحسن إليها من الأهالي، غدت مرتع للحيوانات السائبة تسرح فيها و تمرح وافنيتها مردم يرمي المزارعون البنجال فيها مخلفات زراعية بالرغم أن هذه المساجد يقع اشرافها على وزارة الأوقاف ولا أظن أحداً من الوزارة يمر لمعاينتها، وأنا أتحدث هنا كمثال عن منطقة السفالة، المنطقة التي أقطن فيها، إذن اين هذا كله عن المجلس البلدي؟... الذي ينتخب، نتحدث هنا ونحن ربما في الفترة الثالثة او الرابعة، هذا وإن جاز لي حرية النقد أقول ما ينجزه المجلس البلدي في اجتماعه لا يساوي ثمن فنجان القهوة... وكمواطن غيور على بلاده أرى من حقي أن أعبر عن استياءي ولا استغرب إن رأيت نسبة أعداد المثقفين يتضاءل في انتخابات المجالس القادمة
      إبراء بها عدد كبير من نخبة المثقفين ومن ذوي الخبرات، وأيضاً من ذوي المؤهلات العالية، وهناك عدد كبير منهم متقاعد من الخدمة المدنية أو العسكرية، ولكن ما يجعلهم أن يستقروا في مسقط ويتخذونها مقراً دائماً لهم؛ هو انعدام المراكز التجارية، والترفيهية في إبراء، مقارنة بما هو موجود في مسقط، حتى لو فكر شخص أن يستثمر أو أن يؤسس مشروعاً تجارياً، فالقوة الشرائية في إبراء للأسف ضعيفة، كثير من المحلات التجارية الموجودة في إبراء تعثرت في دفع إيجارها هناك قصايا كثيرة لدى المحكمة ضد المتخلفين عن دفع إيجار المحلات ويمكن أن نرى هذا في سوق السفالة شبه فارغ، بعد أن كلف أصحابه آلاف الريالات في بناءه،...مع كل ذلك الجهد الذي بذل لبنائه انتهى الأمر أن تظل محلاته فارغة بلا مستأجر،
      الزائر لولاية إبراء لن يجد مقهاً به مكان راقي للجلوس، ليستريح ويتناول الشاي أو القهوة أو مطعم نظيف مرتب ليتناول وجبته. المطاعم رثة كالتي عهدناها في السبعينات أو الثمانينات تقدم الوجبات الهندية الشعبية، و نُدُلها غير مهندمة، معظمهم عمالة آسيوية عمال بناء أو نظافة لا يحسنون التعامل مع الزبائن، لا نستطيع إلى الآن أن نجزم بأن هناك حي تجاري راقي في ولاية إبراء،...لذا لم تجرء أي مؤسسة دولية حتى الآن أن تفتح فرع لمطاعمها للأكلات السريعة في الولاية، هذه صورة تظهر لنا مدى تخلف النهوض بالولاية إلى المستوى المرموق بعد خمسة عقود من النهضة،، إذن علينا مراجعة التخطيط ونختار من يدير وأن تكون هناك عدالة في التنمية، ونسمح بتقبل النقد

      1. عبد الله السناوي - شارك