-
-
عزوف المواطنين عن استخدام النقل العام "مواصلا
اطلعت على مقطع فيديو نشره أحد المواطنين اثناء تواجده في جمهورية المانيا قام بتصويره ونشره بنفسه على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قام بتصوير الدراجين في الشارع وعدد من الدراجات مركونة على ممر محلات تجارية، وبين هذا الشخص في الفيديو عن أهمية استغناء الالمان من استخدام السيارات بسبب غلاء البنزين على أثر الحرب بين روسيا و أكرانيا، وكان يحث العمانيين على الاقتداء بالألمان، للتغلب على مشكلة غلاء وقود السيارات في عمان... بركوب الدراجات الهوائية
وكان رأيي في هذا الموضوع هو أن؛ قبل أن نشجع ابناءنا على استخدام الدراجات الهوائية في تنقلاتهم؛ علينا أن نعودهم أولاً على استخدام حافلات النقل العام "مواصلات" التي وجدت أصلاً من اجلهم لا للأجانب، ولكن للأسف ما يحدث هو العكس، أكثر من يستخدم النقل العام هم الأجانب، بالرغم من رخص سعر اجرتها ووسائل الراحة المتوفرة فيها؛ كالتكييف المركزي وشبكة الواي - فاي، سواء كان ذلك في حافلات المدينة (الحمراء) أو الحافلات التي تنقل الركاب إلى مناطق خارج محافظة مسقط
بالرغم ما يوفر من قبل الحكومة من بدائل ووسائل كالنقل العام إلا أن الشباب العماني عازف عن استغلالها تماما، ونادراً ما ترى راكباً عمانيا في هذه الحافلات عدا المسن الذي - لا حول له ولا قوة إلا بالله
وللأسف نرى أول ما ينهي الطالب دراسته الثانوية يهم والد الطالب بشراء له سيارة جديدة للتنقل بها إلى الجامعة متحملا الأب وزر (اقساطها، تجديدها، تأمينها، والمخالفات المرورية التي قد تحدث من جراء سوء الاستخدام) إلى غير ذلك من مصاريف، هذا بالإضافة إلى مبالغ الصيانة وقس على ذلك أمور أخرى كثيرة خاصة إذا كان الطالب يدرس في كلية خاصة، كل هذا مباهاة، أو ربما رسوخا لإلحاح الطالب المدلل ليتباها بها أمام زملاءه الطلبة، ومن ثم يبدا الوالد بعد ذلك بالتذمر "الراتب لا يكفي، والمعيشة غالية، الخ..." لماذا نحمل سوء تصرفنا هذا الدولة متناسين القاعدة "أن الراتب ترفعه الشهادة، والمهنة تصحبها الخبرة" وأن نقتنع بما يسره الله لنا كما قول المثل: "مد رجليك على قد لحافك
عندما خطط لمسارات حافلات النقل العام الجديدة عند بدأ تشغيلها كان من ضمن الجدول أن تمر أمام كل جامعة أو كلية، خاصة في مسقط،...كما لاحظت ذلك؛ ولعل هذا العزوف – والله أعلم، لم يشجع الحكومة تمديد فتح مسارات خطوط النقل العام داخل مدن محافظات غير مسقط
وإذا كان هناك التذمر صادر من البعض، أو ممن يختلقون الاعذار "بأن هذه الحافلات لا تسيِّر في شوارع الخدمات القريبة من المساكن" فإن السبب قد يكون لا يوجد طلب، وانا أقول هذا لأني صاحب تجربة إذ أنا ممن يعتمدون في تنقلاتهم على هذه الحافلات داخل مدن مسقط وأيضا خارجها من مسقط إلى ابراء، وفي بعض الاحيان يراودني شعور عندما أرى نفسي الراكب العماني الوحيد وسط الاجانب في هذه الحافلات؛... بأن أنا الاجنبي، ليس هم، ذلك لكثرة عددهم في الحافلة
في رأيي الشخصي لو عودنا ابنائنا على استغلال النقل العام "المواصلات" في تنقلاتهم لربما أنحلت مشاكل اقتصاديه كثيرة ليس على مستوى الأسرة فحسب؛ بل على المستوى العام* أما في القرى فالوضع يختلف خاصةً في الولايات الصغيرة عن المدن، إذ مازال هناك تماسك في الأسرة وتفاهم أكثر بين الابناء والآباء عن المدن لربما السبب يعود الى البيئة التي نشأ فيها الأبناء والظروف المعيشية التي تتطلب تكاتف الجميع وايضا عدم وجود اغراءات مادية كالتي نراها في المدن الكبرى تزوغ الشباب، فنجد مثلا الابن مع أبيه دائماً في الحقل ويلبي احتياجات أهله أولاً قبل الخروج للعب مع اصحابه، ملتزما الصلاة في المسجد و معتمدا على نفسه في كل شيء تقريباً مما يجعله متفوقا على اقرناه الذين في المدن، يتغلب على كثير من الصعاب
لقد رأيت كثير من الشباب معنا هنا في ولاية إبراء على سبيل المثال ؛ ممن درسوا في الكليات التقنية وباحثين عن عمل لا يستسلمون لليأس والضجر والخمول، بل يقومون بأعمال دون مستواهم التعليمي ودون ترفع، يمارسون أي عمل كان إلى أن يحالفهم الحظ في الحصول على وظيفة مناسبة كنظرائهم في مسقط،...ترى الواحد منهم يعمل في المزرعة مع أبيه أو يقود سيارة أجرة أو يعمل براتب زهيد؛ بائع في "سوبر ماركت" هناك نماذج كثيرة أعرفها منهم خريج جامعة، مهندس، يعمل سائق سيارة أجرة، أنا أركب معه من إبراء إلى مسقط بينما نظيره في مسقط للأسف قابعا في البيت منتظراً وظيفة أن تشغر من قبل أجنبي
ولكي أكون منصفا; لا يلام القاطن في أحياء مسقط الضيقة؛ إذ ليس لديه متسعاً من المساحات؛ متوفرة كالتي في قرى الولايات، إلا إذا كانت مساحات مخططة مسبقاً كالمنتزهات الخضراء مثلاً التي التي يصعب الوصول إليها إلا بالسيارة، بخلاف الولايات خارج مسقط التي بها منتزهات طبيعية قريبة من السكن كالسهول والأودية لذا نرى في مسقط حركة الافراد في مناطق مسقط محدودة مقارنة بمناطق الولايات أيضاً لا توجد هناك مزارع نخيل صغيرة يمكن للإنسان أن يشغل فيها نفسه عدا في الولايات لذا القاطن في مسقط لا يلام، حيث أصبحت المساحات ضيقة، والسكن اصبح في شقق كبيوت حمام الزاجل
أثناء تنقلي بسيارات الاجرة بين أحياء مسقط وجدت عدداً كبيراً من الطلبة الذين تخرجوا أو مازالوا يدرسون في الكليات بمسقط من سكان الولايات خارج مسقط يعملون سواق سيارات أجرة، و جلهم من الشرقية والداخلية، هذا ما لمسته من خلال الاحتكاك بهم خاصة في أحياء الخوير التي بها الكلية التقنية
على كل حال، إذا كنا نرى أن الاجنبي متفوقاً على المواطن فإن السبب يعود على الظروف الصعبة التي نشأ فيها في بلاده، كظروف التعليم، والنقل، والسكن، والعمل، والظروف المعيشية الأخرى ذلك لقلة الامكانيات المتاحة مما يجعله دائماً يفكر، ويبتكر، وللأسف بعضنا لا يستطيع أن يغير لمبة إنارة دون أن يستعين بأجنبي، والسبب هو الخمول و الاتكالية التي تعودنا عليها من الصغر،... شلت عقول البعض منا مما أدى ذلك إلى مزاحمة العمالة الوافدة في اعمالنا إذن لماذا نشتكي؟* وبالرجوع الى موضوع النقل الذي تحدثنا عنه؛ قإذا ما اعتاد أبناءنا استخدام النقل العام فإن هذا لا يوفر مصاريف النقل فحسب؛ بل التغلب على مشاكل معيشية أخرى لذا نرى كيف يزاحم الاجنبي على استخدام النقل العام حتى يوفر ما يمكن التغلب عليه من ظروف معيشة خاصة أن أجرة النقل العام في السلطنة مدعومة من قبل الحكومة كسائر بقية الخدمات الأخرىمثل؛ كالكهرباء، المياه، والوقود
- عبد الله السناوي - شارك
-