1. العيد في زمن كرونا

      العيد في زمن كرونا، جعل الأسرة أكثر ارتباطا ببعضها، بسبب الأغلاق وحظر التنقل الذي فرضته هذه الجائحة على الناس مما جعل رب الاسرة يدرك مدى أهمية تواجده عند اسرته "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" النحل ٧٢
       
      الحمد الله رب العالمين، يبدو أن الأمور مشت بشكل جيد فيما يخص العيد وترتيباته هذا العام، مكونات العريسة وبهارات الشواء تم شراءها وتجهيزها يوم تاسع من ذي الحجة،... ازدحمت الاسواق واكتظت بالمشترين مما يبدو كل حصل على مبتغاه، والشيء الذي لاحظته عند عائلتي في عيد هذا العام ادخال التكنولوجيا في عملية تحضير الشواء...كما نعلم أكلة الشواء هي احدى الأكلات الأساسية يتم تناولها في ثلاث أيام العيد عند العمانيين، إذ تأتي في المرتبة الثانية بعد العرسي أو العريسة كما يسميها البعض
       
       لمن لا يعرف الشواء هو عبارة عن قطع لحم كبيرة تأخذ من صلب ظهر الشاة أو الرقبة بالإضافة إلى الرأس و تدهن قطع اللحم بالبهارات، وتغلف بورق اشجار الموز، ثم توضع بداخل كيس من سعف النخيل، ويرمى الكيس في حفرة عبارة عن فرن - حفرة تحت الارض مبني جداره من الحجر الأصم، وهو حجر املس على شكل دائري أو بيضاوي يميل لونه إلى الزرقة يجلب من لأودية
       
      عملية وضع اكياس اللحم في حفرة الفرن تسمى "دفن الشواء" وقد تختلف هذه التسمية بين مناطق السلطنة ولكني هكذا عرفتها في ولاية ابراء، وهذه العملية لها مراسم و أهزوجة من أهازيج العيد إن جاز التعبير، مع اطلاق عدة طلقات نار بالبنادق في الهواء، إعلانا بانتهاء الدفن وهذه العملية تتم أيضا عند استخراج الشواء في اليوم التالي، وأذكر من الكلمات التي تردد " شواكم..ني وشوانا نضج" كنوع من التنافس بين الجيران على جودة الشوي،... وتغطى حفرة الفرن بأسقف محكمة تمنع من دخول الأكسجين الى داخلها حتى لا يشتعل لهب النار داخل الحفرة ويتسبب في احتراق اللحم، إذ يتم شوي اللحم داخل الحفرة بكمية الحرارة الناتجة من وهج الجمر والحجر الموقد لعدة ساعات مسبقا بالحطب الصلب
       
       يتسع فرن الحفرة لعدة اكياس من اللحم حسب عدد المشتركين من الناس، في الغالب لا يزيد العدد عن عشرة اشخاص وهم جماعة من حارة واحدة او جيران؛ عادة ما تكون حفرة الشواء او حفرة فرن الشواء في بيت أحد الجيران أو في ساحة مشتركة بينهم، ونادرا ما تجد هذه العادة في المدن إلا في القرى بسبب تغير نمط الحياة في المدن واختلاف التخطيط العمراني فيها، إلا أن من الملاحظة أيضا؛ عادات شوي اللحوم بافران الحفر بدأت تتلاشى شيئا فشيئا بسبب التقدم العمراني ودخول المدنية في القرى
       
       طنجرة الطبخ الكهربائية الحديثة التي استخدمتها عائلتي هذا العام؛ كان يقتصر استخدامها في السابق لطبخ الأرز؛ ولكن النسخة الجديدة من هذه الآلة جعلت من الممكن استخدامها للشواء، إذا كسرت القاعدة، وحلت مشكلة جمع الحطب، من البراري الذي يتطلب جهد و ترخيص بيئي لاستجلابه، أو شراءه بأغلى الاثمان من الحطابين؛ باعة الحطب لتجهيز به حفر الشواء،...في الحقيقة هذه الطنجرة مع مرور الوقت ستجعل الناس أن يتخلوا عن الطرق التقليدية وستجعلهم يستغنوا عن استخدام افران الحفر لشوي الذبائح، وسوف تتيح للكل ممن في القرية أو المدينة تذوق أكلة الشواء العماني، وفعلا تم هذا منذ زمن
       
       التكنولوجيا في تطور مستمر، يستعين بها الإنسان في حياته، وزادت الحاجة اليها في ظل جائحة كرونا إذ لم يقتصر عملها في إدارة الأعمال، والنقل والاتصال والمصانع فحسب؛ بل دخلت المنزل وأعانت الإنسان في إدارة شؤون بيته، من طبخ وتنظيف وغسيل وترفيه، وربما عندما نستوظف خدم المنازل في المستقبل؛ قد يتطلب الأمر اختيار من لديه دراية في استخدام الوسائل التكنولوجية

      1. عبد الله السناوي - شارك