1. الإنسان هو من يحدد قيمته 

      ارسل لي صهري على "الواتساب"  صورة خطية (جولوجرافيك) في تحية الصباح كما تعودت منه كل صباح، فأعجبت كثيرا ما كتب بها "هذه سبيكة من الحديد سعرها ٥ دولارات فقط ! إذا صنع منها: حدوات للحصان يصبح سعرها ١٢ دولار وإذا صنع منها ابر يصبح سعرها ٣٥٠٠ دولار وإذا صنع منها نوابض للساعات يصبح سعرها ٣٠٠ ألف دولار، كذلك الإنسان هو من يحدد قيمته من خلال ما يصنع من نفسه ومن خلال ما يترك من أثر وبصمة في المجتمع
       قبل ٥٠ سنة كانت الناس تنظر  للمال النقدي اكثر قيمة في مشاريعها الاقتصادية ولكن هذه النظرة تغيرت بعد أسقاط الولايات المتحدة قنبلتين نوويتين على اليابان لتهزمها؛ فوق مدينتي هيروشيما و ناجا زاكي اليابانيتين في 6 و 9 أغسطس من عام 1945 ، على التوالي، مما أسفر التفجير عن مقتل ما بين 129 ألفًا و 226 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، وما زال الاستخدام الوحيد للأسلحة النووية في النزاعات المسلحة بين الدول حتى الآن
      وعندما شعرت امريكا بالذنب؛ قدمت المساعدات التعليمية والمعنوية لليابانيين بدلا من المال،...ظنا منها بأن المال سيعيد قوة اليابان العسكرية، ولكن كانت النتيجة عكس المتوقع، استغل اليابانيون العلم من الأمريكان واستخدموه في تطوير العلوم التكنولوجية، وفي بضع سنوات أصبحت اليابان من أكبر مصدري التكنولوجيا حتى يكاد اسم اليابان علامة تجارية مرتبط بالتكنولوجيا،... كلنا يتذكر عندما بدأنا أن نتعرف على الإلكترونيات كان ذلك من خلال استرادنا للبضائع اليابانية كالأجهزة المنزلية، الأدوات الكهربائية، الساعات، الكاميرات، وأجهزة الراديو، والمصاعد الكهربائية والسيارات
       اليابانيون اتبعوا اسلوب التطوير بدلا من اسلوب الابتكار والاختراع، لأن التطوير اسلوب أكثر اقتصادا عن الأساليب الأخرى، وتعتبر اليابان ثالث دولة في مرتبة الاقتصاد العالمي، ومن لا يعرف عن اليابان؛ فسكانها يبلغ تعداده حوالي 127 مليون نسمة دون أجانب تقريبا إذ يبلغ نسبة الأجانب فيها 1.6% فقط بينما اليابانيون 98.4% ياباني
      فإذا قارنا تلك النسبة بين عمان واليابان فنجد مثلا؛ تعداد سكان عمان يبلغ 4.6 مليون تقريبا منهم 42% أجانب و 58% عمانيون، واليابان بلد صخري، عبارة عن مجموعة جزر و جبال بركانية تبلغ مساحتها الاجمالية، ٣٧٧ ألف كيلومتر٢ أي أكبر من مساحة عمان بقليل حوالي 18% و ليس لدى اليابان موارد طبيعية كالتي نعمنا بها في عمان، موارد اليابان هي المعرفة التي يمتلكها شعبها والتي طور بها الصناعة، عكس عمان؛ لديها الموارد الطبيعية ولكنها لا تمتلك المعرفة الصناعية اعتماد شعبها الكلي على ما يستورد من الخارج وعمالة وافدة، معظمها غير ماهرة.
      هناك اجتهاد من قبل الحكومة لتطوير التعليم في عمان لكن ينقصه التطبيق، ولكي يطبق لا بد أن يكون هناك تغيير في ادارة الموارد البشرية، تكمن في ثقافتي العمل الحر والاعتماد على الذات، ومنع الاحتكار من قبل الأجانب و التقنين في جلب العمالة الوافدة، والتقليل من التزمير والتطبيل في وسائل الأعلام إذ لم يعد المواطن يكترث لها، بمعنى أدق مازالت تظاهرات باحثي عن العمل مستمرة أو تظهر بين حين وآخر، ويتم اسكاتهم بوعود يعتقد البعض بأنها فارغة،...أو يوظف البعض منهم في قطاعات غير انتاجية، كل هذا بسبب ربما عجز الحكومة عن سيطرة أو تنظيم القطاع الخاص المملوك منه من قبل كبار الشخصيات... الذي يعج بالأجانب هذا ناهيك عن التجارة المستترة من قبل الأجانب تمارس وتنافس صغار رواد الأعمال من المواطنين
      على العموم بالرجوع إلى الموضوع السابق ذكره؛ أصبحت المعرفة من ذاك الحين قوة لا تقل أهمية عن المال، مما استدعى في السنوات التي سبقت قبل دخول الألفية تطويرا في المناهج الدراسية، فبعض الدول نجحت، وبعضها فشلت في تقدمها بسب الصراعات الداخلية، خاصة في بعض الدول الإسلامية منغلقة الفكر، مما حدا ببعض مواطني هذه الدول الهجرة الى دول الغرب لأدراكهم عن أهمية العلم والتعلم، واقصد هنا علوم التطبيقية
      للأسف النزاعات الطائفية والمذهبية في البلدان العربية استغلت من قبل بعص ساسة العرب ووظفت لمصالحهم، ادت هذه الطائفية الى حروب داخلية مدمرة انهكت اقتصاد الدول؛ ليس في اقتصاد الدولة المتضررة فحسب بل في اقتصاد الدول المجاورة التي قدمت المساعدات الإنسانية لها ايضا، على سبيل المثال لا للحصر؛ الحرب في اليمن، سوريا، ليبيا وقبلها العراق، ونري من هذه الدول الأربع ثلاث منها مهد الحضارة العربية والإسلامية
      غلبت على هؤلاء الساسة المصالح الشخصية قبل المصلحة العامة العربية والاسلامية التي ينادون بها و يروجون لها،... القول شيء والفعل شيء آخر ،" كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون..." ساهمت هذه الحروب بشكل كبير في هجرة العقول العربية الى الغرب واستفادت دول الغرب من هذه الهجرات لأنها حصلت على مهنيين، و أطباء ومهندسين وعمالة؛ منخفضة التكلفة (الأجرة) الوضع مشابه للوضع عندنا إذا ما قارناه بالعمالة الوافدة الاسيوية التي نجلبها عشوائيا، الا أن تلك التي هاجرت الى أوروبا ليست رخيصة ( عمالة رخيصة) كما هو المصطلح المتداول عندنا أو تزاول "التجارة المستترة"، ففي الغرب الأمور منظمة بشكل اقتصادي، العمالة هناك منتجة لا مستهلكة بخلاف ما عندنا
       مازال التعليم عندنا لم يرتق الى المستوى المطلوب أي أن مخرجات التعليم لا تلبي حاجة السوق من العمالة الوطنية، وكان لا بد أن يحدث تغيير في المناهج الدراسية لتكون أكثر تطبيقا، ولكن؛ للأسف الفكر لم يتغير فظلت بعض الدول وبالذات بعض الدول العربية ظلت كما هي كانت عليه في الستينات والسبعينات وإن حدث تغيير لكن بلون آخر؛ التغيير كان في المظهر لا في الجوهر واقصد هنا دول البترول العربية التي لم توجه ما انعم الله عليها من موارد في توظيف التكنولوجيا للحد من الاعتماد على العمالة الوافدة والحد من استخدام الطرق اليدوية التقليدية خاصة في قطاع الإنشاءات الذي به عدد كبير من العمالة وأيضا القطاعات المهنية الأخرى التي عزف عنها المواطنين...عن مزاولتها ولو استخدمت "الروبوتات" لما كان هذا التكدس حدث في العمالة الوافدة التي أصبحت تشكل مصدر قلق في التركيبة السكانية وللأسف أغلبية العمالة الوافدة أمية، لا يفيدون البلد بشيء عدا استنزاف مواردها ومزاحمة أهلها في استغلال الخدمات المجانية

      1. عبد الله السناوي - شارك