1.  

       السياسة العمانية نهج وثوابت

       ظافر بن عبدالله الحارثي

      النظام السياسي لأي دولة عبارة عن مجموعة من الأفكار والمبادئ والأسس التي عليها نظام الحكم، حيث يتشكل النظام السياسي بفضل تفاعل عوامل عديدة لاسيما الفكرية، والدينية، والثقافية، علاوة على عوامل أخرى لا يمكن إغفالها عند الحديث عن مكونات المنهج السياسي لدول؛ وسلطنة عمان من الكيانات الإنسانية العريقة، التي لها تاريخ سياسي وحضاري قديم يرجع لخمسة آلاف سنة وكذلك تواصل مع العديد من الحضارات، فما نراه اليوم من أسلوب وعقيدة سياسية ما هي الا امتدادا لممارسة سياسية عبر الزمان مع إكسابها التطور اللازم ليتمكن النظام من معاصرة متطلبات ومتغيرات العصر.

      ولأن السلطنة جزء من هذا العالم، حرصت على أن تتفاعل مع ما يدور حولها من أحداث بكل وضوح، وأشارت على نهجها السياسي المتبع أثناء القيام بذلك في النظام الأساسي (دستور الدولة) من خلال المادة الخامسة والتي جاء في مضمونها فيما يتعلق بالصعيد الخارجي؛ المحافظة على الاستقلال والسيادة، صون كيان الدولة وأمنها واستقرارها والدفاع عنها ضد كل عدوان، تأكيد أواصر الصـداقـة مع جميع الدول والشعوب على أساس الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومراعاة المواثيق والمعاهدات الـدوليـــة والإقليميــة وقواعـد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة، بما يؤدي إلى إشاعة السلام والأمن بين الدول والشعوب؛ أما على الصعيد الداخلي، إرساء أسس صالحة لترسيخ دعائم شـورى صحيحة نـابعة من تراث الوطن وقيمه وشريعتـه الإسلامية، معتـزة بتاريخه، آخذة بالمفيد من أساليب العصر وأدواته، إقامة نظام إداري سليم يكفل العدل والطمـأنينـة والمسـاواة للمـواطنين، ويضمن الاحـترام للنظـام العـام ورعاية المصالح العليا للوطن.

      إن السياسـة الخارجيـة العمانيـة عرفت بالسياسة الهادئة، المعتدلة، المتوازنة والحيادية، كما عرفت أيضا بالأثر الذي تتركه في مختلف المستويات: الخليجية، العربية، الإقليمية والدولية؛ ومن خلال مواقف السلطنة التي سجلتها في عدة محافل نستنتج أن الدبلوماسية العمانية تقوم على استخدام أسلوب الحوار وتميل التركيز على العوامل الجيوسياسية

      والابتعاد عن النزاعات الايديولوجية والطائفية وتفضيل التوافق في الممارسات الاجتماعية والسياسية المؤكدة على التسامح، وكذلك تفضيل أداة الحوار والنقاش عوضا عن خيار الحرب.

      هكذا كانت السياسة العمانية، واستمرت بقيادة باني عمان الحديثة المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه وهكذا بإذن لله ستكون، ولعل أبلغ ما قد يأكد على ذلك هو خطاب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه- عندما تسلم زمام القيادة في العهد الجديد قائلا: ” عرف العالم عمان عبر تاريخها العريق كيانًا حضاريًا فاعلًا ومؤثرًا في نماء المنطقة وازدهارها واستتباب الأمن والسلام فيها تتناوب الأجيال على إعلاء رايتها وتحرص على أن تظل رسالة عمان للسلام تجوب العالم حاملةً إرثًا عظيمًا وغايات سامية تبني ولا تهدم تقرّب ولا تبعد وهذا ما سنحرص على استمراره معكم وبكم لنؤدي جميعًا بكل عزم وإصرار دورنا الحضاري وأمانتنا التاريخية”.

      1. عبد الله السناوي - شارك