1. الإنسان والبيئة

      الحدائق العامة والمنتزهات، لها فوائد عديدة على صحة الإنسان وسعادته؛ إذ تعتبر متنفساً يجد فيها الزائر الطمأنينة والراحة النفسية التي تخفف من آلامه وضغوطه النفسية، ومن الاضطرابات الناتجة عن مشاكل العمل وتقلبات المعيشة بشكل عام. خاصة إن وُجِد في هذه المنتزهات المكسية بالخضرة، الهدوء والنظافة وحسن التنظيم والتنسيق في أشجارها ونباتاتها، فهي زاهية بربيعيها وورودها الجميلة، وخالية من الضوضاء والتلوث الذي اعتاد عليه الإنسان في بقية الأماكن العامة. الحدائق تعبر عن ثقافة وفن وسلوك في المجتمعات الحديثة، لذا نرى البلديات المحلية في كل مدينة من دول العالم تتنافس على جودة إدارة حدائقها، وترصد بعض الجوائز لهذا التنافس والمسابقات، فالحدائق العامة أو المننزهات تعتبر من الحقوق العامة الواجب توافرها في كل مجتمع مدني، لذا نرى عندما تخطط المدن يُحرص على إيجاد المساحات الكافية للحدائق سواءً كان وسط المدينة أو على أطرافها في الضواحي، على سبيل المثال نرى في الشوارع العامة هناك مساحات خضراء تفصل بين الشوارع وقد خصصت لجلوس المارة، أو لاستراحة المشاة. فالحدائق العامة لا يقتصر وجودها للجلوس أو للتنزه، نجد هناك أماكن خصصت للمشي وأخرى لألعاب الأطفال، وأماكن لممارسة بعض الألعاب الرياضية والترفيهية، بل أيضاً في بعض البلدان بالحدائق أكثر من ذلك؛ تتوفر فيها المكتبات العامة وحوانيت صغيرة لبيع المرطبات والمكسرات والحلويات. هذا إضافة إلى المقاهي ومطاعم الأكلات السريعة. كل هذا من أجل النهوض بمجتمع راقً صحي، نشط ومنتج نافع لبلده اقتصادياً وعملياً. والحديقة العامة القريبة من المساكن تساعد كثيراً من السكان الذين يقطنون في المباني الضيقة العمودية ذات نظام الشقق، ومن لديه شرفة صغيرة في شقة مسكنه نراه يزينها ببعض أوعية الفخار والزهور وأقفاص الطيور، كل ذلك من أجل خلق جو صناعي، يتنفس فيه...يجلس لتناول القهوة أو الشاي وقت المساء. ولكن للأسف ما نلاحظه هنا في عُمان، الاهتمام بالحديقة قليل مقارنة ببعض الدول، فالحدائق العامة أو المنتزهات حتى الصغيرة لا توجد في بعض الولايات إلا التي أوجدت بجهود ذاتية من قبل الأهالي، وطبعاً مثل هذه الحدائق عادة ما تكون إمكانياتها محدودة أو ضعيفة، أو بسيطة تفتقد إلى كثير من الأساسيات كدورات المياه مثلاً، أو أماكن للعبادة، هذا إلى القصور في النظافة العامة، والشح في توفير سلال القمامة. ويظهر مدى إمكانية البلدية في معالجة وإدارة متطلبات السكان من خدمات النظافة أيام الأعياد؛ والعطل الرسمية، والمناسبات العامة. إذ تظهر أكوام القمامة في الأماكن السكنية طافحة من حاوياتها حتى تتكدس على الأرض، ونلاحظ بعض الأماكن لا تمر عليها سيارات جمع القمامة إلا بعد أيام، وربما بعد عدة اتصالات من قبل الأهالي لحث المختصين بالبلدية، هذا ناهيك عن منظر الحدائق في المناسبات العامة الذي لا يسر عدو ولا صديق، من كثرة تطاير أكياس المأكولات وتناثر فضلات الطعام. حتى في غير المناسبات، نجد خدمات النظافة فقيرة جداُ تقتصر على الواجهة العامة أما في الأماكن البعيدة عن الشارع العام، أوالمساكن الداخلية والسكك تكاد تكون النظافة معدومة، لا يرى هذه العيوب إلا المشاة الذين لا يستخدمون السيارة، وأشبه هذه الخدمة مثلاً؛ مع الاحترام، (كالماكياج) الذي تضعه امرأة على وجهها و تُهمل بقية جسدها. خدمات البلدية في بعض المناطق نقدر نسميها رياءً فقط من أجل إظهار لمن لا يعرف حقيقة التقصير، أو للفوز في أسبوع البلديات، نرى التشجير والتنظيف فقط في الواجهة، أما في الخلف حدث ولا حرج، الخدمة رديئة، فالسكك لا تسر الناظر، حتى في محافظة مسقط التي تعتبر بلديتها من أنشط البلديات لكونها في العاصمة. هناك أماكن في ولاية مطرح كحلة (منازي ـ موجا) في مطرح، وحلة الحمرية في روي أمكان يتقزز من يمر في سككها من رائحة البول، وتناثر القمامة. وللأسف بعض هذه السكك في (منازي موجا) يمر فيها المشاة من السواح، الذين يقصدون سكة الظلام. البلديات في الأقاليم أو الولايات إمكانياتها جداً ضعيفة، خاصة في الخدمات التي تتعلق بالنظافة، أو بالصحة العامة، ويمكن ملاحظة ذلك، في شكل حاويات القمامة، وافتقار الشوارع والسكك من صناديق أو سلال القمامة، فترى الأوراق والأكياس البلاستيكية تتناثر هنا وهناك. فإن أردت أن تقيس مستوى خدمة البلدية في الولايات ما عليك إلا أن تذهب إلى القرى وتتجول في سككها، ستقابلك القطط، وأكوام القمامة في الحاويات تنتظر تفريغها، وأحيانا تبقى مكدسة في هذه الحاويات لعدة أيام، ولي تجرب شخصية (فكلما اتصلت بالرقم المخصص أحصل على نفس الرد الذي اعتدت عليه: "بلغنا المسئولين"، والزبالة تتكدس دون مساس. لست أدري ما دور المجلس البلدي؟ ألا يتلقى شكاوي أو ملاحظات من أحد؟ هؤلاء ممثلو الولايات ألا يختلطون بالناس؟ أم أن الحكاية كما اعتدنا على الاسطوانة المشروخة؟ "ناقشنا الموضوع ورفعنا تقريراً" (فالكتاب باينٌ من عُنوانه) على قول المثل... قارن المخصصات المالية بين البلديات وستجد الفرق الذي ينعكس على مستوى الخدمة لا ندري من نلوم؟ حتى عملية الإشراف والرقابة على عمال النظافة أصبحت شبه معدومة.

       

       

      1. عبد الله السناوي - شارك