1. إبراء السفالة ـ  ج4 الحرف التقليدية (1) - ١٨٤

       

      To  read the article in other languages; Please click on the word “Language” at the top left of the page, highlighted in brown

       

      الحرف التقليدية بسيح العافية: الرحى – النسيج - مصنع الحلوى – مطابخ البسور- سوق السناويين - الزراعة – وسائل النقل الدواب - مطاليع لبلاد

      الرحى

      الشيء بالشيء يذكر، ومن معالم سيح العافية أيضاً كما ذكرت سابقاً "الرحى" مطحنة "البر" أي القمح وهي ملاصقة لبيت الجد حمود بن جندب (البيت الشرقي).

      والرحى أداة يطحن بها القمح، وهي عبارة عن حجرين، مستديرين، يوضع أحدهما على الآخر ويدار الأعلى على قطب.

      وهي مطحنة صخرية لحبوب القمح كانت تستخدم حتى منتصف الستينات قبل المطاحن المكانيكية ذات المقبض التي تدار باليد.

       تقع غرفة تلك المطحنة في الزاوية الجنوبية كما ذكرت من بيت الشرقي من جهة جدار البيت من الخارج.

      تتكون الرحى من حجرين مستديرين، يوضع أحدهما على الآخر، علوي وسفلي متساويان في الحجم، قطراهما حوالي (50 سم) يوجد في وسط الجزء العلوي من الحجر ثقب لإسقاط حبوب القمح ويتم هرك القمح بتدوير الحجر العلوية بواسطة عصا من زور النخيل مثبتاً طرفها العلوي على ركزة في الأرض. وتقوم النساءدون الرجال بمهمة طحن الحبوب، حيث كان الأكل في السابق من الشعير لانعدام الأرز. وغرفة تلك المطحنة من طين لها مدخل مفتوح، وفتحة للتهوية عند الرحى في الجهة الجنوبية من الغرفة.

      كارية نسيج:

      وعن ذكر الصناعات، كانت هناك كارجة "كارية" آلة من الخشب تحرك بالقدمين لنسج الوزرة، (الأزرة)، تقع مقابل البيت الشرقي موازية لبيت نصير من الشرق. في الحقيقة لا أتذكرها ولكن كان السور باقياً إلى ما قبل السبعين، وكلمة كارية يبدو أنها عجمية من أصل "كارجا" مثل كلمة "كرخانة" أي مكينة وكنا نعرف هذه الأسماء في السابق مثل كرخانة خياطة، وكرخانة طحن البن، هناك كثير من الكلمات كنا نستخدمها دون أن ندرك أصلها مثل دختر doctor، دراول driver، ريواس reveres، "سيدا" يعني على طول، وهكذا،فمنها مصطلحات أوروبية ومنها عجمية وأفريقية بحكم تداخل الحضارات.

      مصنع الحلوى العمانية:

      يحكى بأن هناك مصنع للحلوى كان في سيح العافية يملكه هلال بن مسعود بن راشد بن عبد الله البرواني صاحب البيت المقابل لمسجد الحدري (مسجد النور حالياً) من جهة الشمال.

      وهلال بن مسعود هو من أوقف بئر ميانين من مال ود سلام - بادة سلام من فلج ميانين (البادة تعني عند العمانيين سهم من أسهم مياه لمؤسسي الأفلاج) إذ يحكى عن هذا الشخص أنه صنع حلوى ووضعها في مراق (فتحة تهوية تحت سقف البيت)، وسافر إلى زنجبار ورجع بعد سنة فوجدها لم تتغير، نتيجة لجودتها، والقصة ذكرها صاحب كتاب المنزفة في كتابه نقلاً عن أبيه وجماعته.

      التركبة منصات طبخ البسور (مطابخ التبسيل - المنارة):

      لست أعرف من أين أتى مصطلح التركبة، كنت اسمع أمهاتنا في السابق عندما يطبخن بنار الحطب، أو أيام العيد عند طبخ "العرسية"، بأن نعمل لهن تركبة، أو تاثية، والتركبة هي ثلاث أحجار، أو في الوقت الحالي من الطابوق توضع عليها قدر الطبخ، لا أود أن أدخل في تفاصيل اللغة لأنني بكل بساطة لست مؤهلاً لذلك، ويكفي أن أكون مدوناً، على العموم هي مطبخ بسر الرطب غير الهامد أي غير مكتمل النضج، وتعرف عملية طبخ البسر بالتبسيل. وكلمة تبسيل أظن مشتقة من مبسلي، والمبسلي هو نوع من نخيل التمر رطبه كبير الحجم ولا يؤكل إلا تمراً أو يبسل (يطبخ) ويجفف ثم يصدر إلى الهند، وله عندهم هناك عدة استخدامات منها استخدامهم في طقوساتهم الدينية.

      وكنا نعرف التركبة بالمنارة، لوجود برج في التركبة يشبه المنارة وهو منفذ للدخان، و كلمة "بِسر" (تنطق بسكون الراء) كما ذكرت، وتعني الرطب قبل أن ينقلب إلى تمر، وكلمة تبسيل أتت من نوع الرطب يعرف بالمبسلي، وهو النوع الوحيد الذي أعرفه في إبراء يطبخ بالماء ويجفف ثم يصدر، و يسمى  قبل تجفيفه "فاغور" ربما مشتقة من كلمة (فاغر) وكنا نُعطَى لنتذوقه أو لنأكله عند عملية التبسيل. وعادة ما يكون التبسيل في منتصف الصيف حيث درجة الحرارة تكون عالية تبلغ ذروتها فترة وسط القيظ (الصيف)، وحجم رطبة المبسلي يكون أكبر من بقية أنواع الرطب، وأذكر كنت أرى تمر المبسلي يطعم به الحمير لمدها بالطاقة في الصباح قبل إخراجها للعمل.

      هكذا، سميت التركبة بالمنارة ربما لوجود برج صغير (أو قبة) كمخرج للدخانفي طرف مبناها. والمبنى مشيد بالطين وهو عبارة عن قاعدة أو منصة صندوقية الشكل مرتفعة عن سطح الأرض بمتر أو مترين تقريباً، تشبه شكل (الصندوق الأجوف من الداخل) لهذه القاعدة أربعة أضلع وسقف يبلغ أبعاد مساحته من 3×4 إلى 5×4م، مستطيلة الشكل وعلى زواياها الأربع أعمدة من الطين تحمل سقف المظلة من السعف.

      على سطح هذه المنصة ثقوب دائرية قطرها يتراوح بين نصف إلى متر تقريباً متصلة بجوفها يوضع عليها مراجل الطبخ (الغلايات) وعددها يتراوح بين واحد إلى ثلاثة حسب كمية وحجم الإنتاج المطلوب من البسر، ومن تحت مبنى المنصة توجد فتحة لإدخال حطب إشعال النار وعادة ما يكون من سعف النخيل الجاف غير المرغوب فيه، وعند الاحتراق يخرج الدخان من خلال خرطوم أجوف متصل بفتحة البرج أو القبة التي في طرف المنصة.

      المراجل تستخدم لغلي البسر مصنوعة من معدن النحاس وتسمى "مراجل صَفر" (بفتح الصاد) مقاومة للصدأ وتكون ثابتة في المنصة على مدار العام، ويطبخ البسر بالماء بطريقة الغلي، وعند الانتهاء يخرج البسر من المراجل بواسطة "مغراف" مصنوع خصيصاً لهذا الغرض من عذوق الرطب الجافة، ويلقى البسر الناضج في مكان مخصص له بجانب المنصة على الأرض ثم ينقل بواسطة الحمير إلى المسطاح للتجفيف، وبعد أن يجف يعبئ في أكياس "خيش" ويكون جاهزاً للبيع و التصدير.

      المسطاح، هو مكان مسطح على قطعة أرض مسورة بأربع جدران ولها باب، ويفرش البسر في الأرض على المسيلة إلى أن يجف، وعادة ما يكون المسطاح ملاصق للتركبة.

      توجد في حارة سيح العافية ثلاث من هذه المنصات "التراكب" واحدة بالقرب من  مدرسة القرية غرب مسجد الغافة وربما كانت تخص جد بنات محمد بن راشد، والثانية حدرى على مرتفعات "ميانين" خلف مسجد سليمان والأخرى علوى غرب  بيت نصير.

      سوق السناويين:

      هناك أيضاً سوق للسناويين يقع غربي الوادي جنب ضاحيتي التي تعرف (بحاجر - السوق) هذه الضاحية إحدى ضواحي الجد حمود بن جندب ورثها ابنه حمد والد والدتي، ثم خالي وابتعتها أنا من ابن خالي، هذه الضاحية تقع علوي السوق (في الشمال) تفصلها سكة وعلى بضع أمتار يوجد مسجد يعرف "بمسجد السلالة"، مازال قائماً حتى عهدنا الحاضر، وربما هو تابع للسوق الذي سبق ذكره.

       

      وكانت آخر صيانة أجريت لمسجد السلالة عند إنشاء استراحة سوق السناويين في شهر مايو من عام 2017م (1438هـ)حيث أقيمت في الاستراحة وجبة إفطار الصائم لأول مرة، واستقبل المسجد عدداً كبيراً من المصلين في شهر رمضان عام 1438هـ لتأدية صلاة المغربوفاق العدد سعته.

      يقال بأن تأسيس هذا السوق أتى على إثر نزاع قبلي نشب بين السناويين وجماعتهم الحرث مما جعلهم يفصلون سوقهم لفترة، وهناك قصة أيضاً روتها لي والدتي عن هذا السوق وأيضاً سمعتها من أمهاتنا بنات محمد بن راشد، فقد تم تزويج عشرين سناوياً دفعة واحدة بمهر أقل من قرش لكل منهم.

      يحكى: بأن جد بنات محمد بن راشد - جد جدتي أم أبي "مسلم بن خميس بن سالم"  أحد وجهاء القبيلة وجد ما يقارب عشرين شاباً أعزب، عاطلين عن العمل متمددين تحت ظل سدرة السوق، ومنهم من يلعب الحواليس، (وهي لعبة تلعب للتسلية وقت الفراغ بتحريك أحجار على مجموعة حفر صغيرة تسمى بيوت على الأرض).

      كان هؤلاء الشباب غير مبالين بمسؤولية العمل، وكان ذلك وقت الضحى بينما يوجد في الحارة ـ حارة سيح العافيةمجموعة من البنات غير المتزوجات، فأمر في الحال بأن يزوج هؤلاء الشباب بأقل ما عندهم، حتى يبني فيهم روح العمل والإحساس بالمسؤولية. وربما لهذا السبب نرى معظم السناويين أقارب وأصهار مع قبائل آخري ممن يشاركونهم سكن الحارة، وأيضاً الغربة؛ أفريقيا كان لها الدور الأكبر في التزاوج بين القبائل، بسبب مشقة عودة العمانيين إلى بلدانهم في عمان.

      الزراعة:

      الناس في الماضي يعتمدون اعتماداً كلياً على المحاصيل الزراعية التي يزرعونها والمواشي التي يربونها، ولكل محصول موسم، فعلى سبيل المثال كان موسم شراء اللحوم في الأعياد، ولا يأكل الناس كل ما يذبحون فإن جزءاً كبيراً منه يخزن. ولعدم وجود البرادات كانت اللحوم تحفظ بالتمليح أو بالتجفيف؛ فتدوم لفترة. هذا بالإضافة على اعتمادهم على الأسماك المجففة في فصل الصيف.

      أما المحاصيل الزراعية كالتمور التي تمثل الوجبة الرئيسة للعمانيين في الداخل، والقمح والشعير، ومعظم الفواكه فإن موسم حصادها هو موسم الصيف.

      1. عبد الله السناوي - شارك