1. إبراء السفالة – ج5 المجالس العامة (1)

      المجالس العامة –  المساجد - الآبار – الأفلاج  بسيح العافية :

      المجالس:

      سبلة البرج

      أول سبلة لقبيلة السناويين وهي عبارة عن مساحة صغيرة بها غرفة من جزأين يتوسطها عقدين (مدخلين مقوسة) من الجص وفي فنائها برج من طين ومازال البرج قائماً حتى اليوم.

      علمت من أبي ـ رحمه الله ـ بأن أصل حارة سيح العافية هي المنطقة الواقعة في نطاق حدود الدروازة العلوية، ومن ثم امتدت إلى حدرى (إلى الجنوب) وسبلة البرج تقع في الجنوب الشرقي من بيت الجد حمود بن جندب القديم، وما زال برجها الطيني قائماً حتى عصرنا الحالي، ولما زاد عدد سكان الحارة تبرع جد جدتي (مسلم بن خميس) بجزء من بيته ليكون سبلة للسناويين والتي عرفت فيما بعد بالسبلة الحدرية.

      السبلة الحدرية

      السبلة الحدرية ملاصقة لبيت بنات محمد بن راشد بن علي من الجنوب وهي جزأين سبلة ومبرز عبارة عن مكان مفتوح يُجلس فيه في الليل أيام القيظ. والسبلة الحدرية كانت جزءاً من بيت الجد الثاني لبنات محمد بن راشد (مسلم بن خميس) وقد تنازل من بيته. رممت السبلة في عهد قريب ولكنها هجرت بعد أن انتقلت الجلسة إلى المجلس الجديد (مجلس سيح العافية) جنوب طوي الساح.

      سبلة الصبارة بحاجر اللثاب

      السَبَل جمع سبلة (مجلس عام للسبيل)، وتلفظ بالعامية بسكون اللام، وأول سبلة عامة كانت سبلة البرج، ثم السبلة الحدرية و سبلة اللثاب التي تسمى أحياناً بسبلة الصبارة نسبة للشجرة هناك.

      وقد روت لي الأخت عزاء بنت علي بن خالد السناوية بأن جدهم سيف بن حسين هو من زرع هذه الصبارة، حيث توجد هناك ضاحية ورثها أبوها تسمى (مال الوقيف) تقع خلف المسجد. والرواية نقلاً عن خالتها زيانة بنت محمد بن راشد السناوية.

      وتلك السبلة عبارة عن سبلة صيفية صغيرة مبنية من الطين على شكل غرفة للسناويين يوضع بداخلها مشغولاتهم السعفية بعد قضاء وقت الفراغ هناك في أيام القيظ. وتقع هذه السبلة جنوب مسجد " حاجر اللثاب" أو (مسجد الصبارة كما يعرف) بعد مطلاع الوادي المسمى بمطلاع الصبارة. ويستظل داخلها الشيب أو يجلسون لممارسة مشغولاتهم بعد تأدية صلاة الظهر في المسجد أيام القيظ.

       يقضي الشيب وقت فراغهم بعد الظهر في أعمال السعفيات في صنع السميم وأجربة للتمر والحصر، ومعظم هذه المعالم والحرف اندثرت واختفى بعضها من إبراء وبالذات في حلة سيح العافية، إذ رحلت برحيل أصحابها ـ رحمهم الله.

      استراحة سوق السناويين القديم
      أنشئت مؤخراً استراحة على أرض سوق السناويين (السوق القديم) تخليداً لهذا السوق، وأيضاً لإيجاد استراحة لصغار المزارعين من الشباب يمارسون فيها الحرف التقليدية من سعفيات وغيرها من المشغولات اليدوية إحياءً للتراث، ويمكن الاستفادة من الاستراحة بالإضافة للغرض الذي أنشأت من أجل اللقاءات الاجتماعية والاستمتاع بالهدوء ومطالعة الكتب والصحف واستراحة للسياح لتناول وجبات الغداء السريعة أو لكل من يود الاستفادة من المكان.

      تتكون الاستراحة من قاعة (المظلة) ومنتزه صغير، فالقاعة بها ثلاثة أقسام رئيسة: القاعة مساحتها 5×10متر مغطاة بسعف النخيل (دعون)، أرضيتها مبلطة بالسيراميك. فالجزء الجنوبي من القاعة به مقاعد أسمنتية شبه دائرية على شكل الحرف (U) والجزء الشمالي خصص للجلوس على الأرض، أو لإضافة كراسي وطاولات في المناسبات عند الحاجة. ويمكن استغلال المقاعد الأسمنتية أيضاً  لوضع الوجبات عليها (كطاولات لوجبات البوفيه). الطرف الأخير من الجزء الشمالي خصص كمطبخ مصغر لإعداد أو تسخين الوجبات الصغيرة، وزود بطباخة غاز، وثلاجة وبراد ماء. والحق بالاستراحة من الخارج جهة الشمال مكان للوضوء أو لغسل الأيدي.

      تم إنشاء هذه المظلة بتمويل من ورثة المغفور له بإذن الله تعالى أحمد بن صالح بن حمود السناوي ـ جعلها الله في ميزان حسناته.

      مساجد الحارة:

      لقد ذكرت عدداً من المساجد في الحارة ثلاثة منها على مداخل الحارة، المسجد العلوي مقابل الدروازة العلوية والمسجد الحدري الملاصق للدروازة الحدرية ومسجد رشيد (الغافة) على الدروازة الشرقية، وهناك عدد مسجدين من المساجد يقعان على مرتفعات ضواحي "ميانين" أحد هذين المسجدين يعرف بمسجد سليمان،عهدته مشيداً بالحصى والجص  وهو بنفس حجم مساحة مسجد "سلالة".

      بعض علماء السناويين المتواضعين:

      والجدير بالذكر مسجد العلوي والمغاسل التي على الفلج "ثقبة نصير" قد تكون من أعمال صاحب المبنى الذي سبق ذكره, وهو قريب في النسب لأحد أجداد ابن خال والدي (العم المرحوم علي بن خالد بن سعيد السناوي)، ونعلم بأن جد العم على من كبار علماء السناويين، ويقال بأنه مات على ظهر سفينة شراعية عند عودته من أفريقيا بمرض كان يعاوده في رحلة العودة إلى عمان، ووري جثمانه البحر، وأبو الوالد علي أيضاً عالم مات ودفن في بوجمبورا عاصمة بوروندي.

      هناك علماء آخرون،  أمثال جد سليمان بن عبد الله (عبد الله بن محمد بن سيف) الذي توفي ودفن في إفريقيا بأوغندا، ومن العلماء أيضاً محمد بن حمود بن سلوم، وهذا الأخير بالإضافة إلى كونه صاحب علم، كان أيضاً صائغا مشهوراً للفضيات, وهناك  صائغ آخر للفضيات في الحارة يدعى جمعة بن راشد ومن أبنائه الوالد علي وسعيد أبناء جمعة وجدتهم شنونة بنت حمد بن سلوم أخت غير شقيقة للجد حمود بن جندب.

      الآبار:

      وهناك أيضاً عدد من المعالم الأخرى كالآبار، ومن أشهرها:(طوي الساح، وطوي  الواسط، وطوي سكيكرة تصغير لكلمة سكرة، وطوي غربق) والتي تقع شرقي مسجد الغافة إلا أنها ردمت. ولم تعد تستخدم.

      هناك أيضاً عدد اثنين من الآبار على الوادي على زوايا ضاحية المرحومة رينا بنت حمد الرشادية التي تقع ضاحيتها غربي مسجد الحدري، والبئر أو الطوي كما ورد في كتاب "المنزفة" تقع حدري الضاحية (جنوبها) وهي وقف لفلج ضواحي ميانين أوقفها هلال بن مسعود بن راشد البرواني، في ربيع الأول سنة 1335هـ من مال ود سلام وشهد في الوقف عامر بن حمد بن مسلم السناوي، ومحمد بن راشد بن علي السناوي. وهما من أعيان السناويين في عصرهما كما جاء في كتاب "المنزفة".

       فعامر بن مسلم هو  والد الجدة صفية أم أبي (أحمد بن  صالح السناوي)، ووالد الجدة عيناء أم عبد الله بن سلمان بن محمد السناوي ووالد شقيقهما حمد بن عامر السناوي.

       أما محمد بن راشد بن علي هو (والد بنات محمد بن راشد ـ زيانة- رحمة- نعمة ـ رياء). رحمة بنت محمد هي زوجة الوالد علي بن خالد، وشقيقتها نعمة هي أرملة جد أبي (حمود بن جندب السناوي).

      ومن الآبار الأخرى: (طوي العبيد) ملاصقة لبيت سالم بن عبد الله من الشرق، وتوجد عدد من الآبار في بعض البيوت من ضمنها التي في البيت الشرقي للجد حمود بن جندب، وبيت المسطاح (بيت نصير) وبيت بنات محمد بن راشد تقع في السكة الغربية التي تفصل بيت راشد بن محمد وعامر بن حميد سابقاً.

      البئر الملاصقة لبيت بنات محمد بن راشد، وبقية الآبار التي داخل البيوت متعددة  الاستخدامات الشخصية من قبل أفراد العائلة وأيضاً هي مفتوحة للجيران دون مانع، وعادة ملاك هذه الآبار من أيسر الناس في الحارة.

      طوي الواسط

      ومن معالم سيح العافية أبارها العذبة ومنها "طوي الواسط" وهي مجاورة لبيت أولاد عبد الله بن عمر، والآن يوجد هناك مسجد صغير بني في عهد قريب، وكانت هذه الطوي تسقى(تروى) منها ألأغنام عند عودتها من الرعي "السرح" في المساء. حيث كانت فتيات الحارة ينتظرن عودة شياتهن من الرعي، ولم تكن توجد مساكن في السابق في هذا المكان حتى عام 1968 م حيث كان ذلك المكان مجرد ساح، وكانت حدود الحارة لا تتعدى طوي سكيكرة بعد الدروازة الشرقية.

      طوي سكيكرة:

      سميت هذه البئر بهذا الاسم لعذوبة مياها، وسكيكرة تصغير لكلمة سكرة، (من السكر)، وطوي سكيكرة ملاصقة لبيت صاحبها المرحوم، محمد بن راشد، كانت في السابق مفتوحة للعامة ولا يقتصر الاستقاء منها على أهل الحارة بل كانت تأتيها نساء من الحلل المجاورة كحلة السباح والقناطر لتستقي منها للشرب.

      طوي الساح:

      سميت هذه البئر نسبة لموقعها في الحارة حارة الساح (سيح العافية) وبئر طوي الساح واقعة خلف مجلس سيح العافية الجديد وكانت تلك المنطقة في السابق منطقة زراعية يزرع فيها القمح وفواكه الصيف، كالبطيخ والجح، وهي ملك لعائلة واحدة من أهل الحارة (عائلة آل رشود)، ولا وجود للمزرعة الآن حيث قسمت أرضها إلى أراضي سكنية، ووزعت على  أفراد العائلة. في العهد الجديد وفي الجزء الذي به البئر بني مسجد وأصبحت الطوي تابعة للمسجد.

      طوي غربق

      ومن ضمن جملة الآبار بسيح العافية طوي "غربق" تقع هذه البئر على مدخل مسجد رشيد (مسجد الغافة)، حيث كانت بالمسجد شجرة الغاف على جدار صرحه من جهة الشمال، أذكر هذه الشجرة جيداً، لأننا تعلمنا تحت ظلها القرآن الكريم، على يد المعلم عبد الله بن سليمان البراشدي بعد المعلمة سعدة بنت سعيد في مدرسة الحارة ـ رحمهم - الله.

       طوي العبيد

      لست أدري سبب تسمية البئر بهذا الاسم، ربما كان من ينزفون الماء منه من العبيد، (يطلق هذا الاسم على الخدم ـ الأيدي العاملة ذوي البشرة الحنطية الذين يأتي بهم العمانيون من أفريقيا كعمالة دائمة، ويصبحون جزءاً من البيت).  ومن باب الأمانة وجب نقل المسمي هو... كما كنت أسمعه يتردد في طفولتي، ويقال بأن هذه البئر حفرت بواسطة قبيلة البراونة، وتقع شرقي بيت سالم بن عبد الله، حدري بيت الشرقي للجد حمود بن جندب، مقابل صفة (غرفة) الرحى.

      وأطلعت مؤخراً في كتاب "المنزفة" ليعقوب البرواني في صفحة 377 بأن هذه البئر وقف أوقفه سعيد بن أحمد بن خميس البرواني وأوقف لها دكاناً من سوق الحرث بسفالة إبراء، وآلت إليه بالشراء من سليم بن سليم، والدكان موقعه السادس من الصَفَةُ العلوية داخل السوق وكان يقعد سنوياً وآخر من استقعده هو ناصر بن سالم الغيثي، وكان يُشترى حبالاً من القعد للبئر.

      وحكي لي عن هذه البئر قصة طريفة حكت لي عنها والدتي (زيانة بنت حمد بن حمود السناوية)، وأكدت واقعية القصة الأخت عزاء بنت علي بن خالد نقلاً عن أمهاتها (بنات محمد بن راشد بن علي السناويات).

      إذ يحكى بأن في كل صباح بعد صلاة الفجر اعتادت الوالدة نعمة بنت محمد بن راشد، زوجة جد أبي - حمود بن جندب (خالة الأخت عزاء بنت علي)، أن تقود الحمارة من بيت جدي - البيت الشرقي لإرواء عطشها من ماء البئر. ولاحظت بأن الحمارة لا تتقبل شرب الماء المنزوف من البئر، فكررت المحاولة ولم تستجب الحمارة، حينها قررت الوالدة نعمة أن تأتي للحمارة بماء من الفلج- فلج ميانين فشربت الماء، عندها شكت الوالدة نعمة في الآمر وقررت سراً استدعاء أحد الأشخاص من سكان الحارة ليهبط داخل البئر ليرى ما بها.

      فعندما نزل الشخص البئر لم يستطع مقاومة الرائحة الكريهة المنبعثة من الماء ولما مد يده داخل الماء ليلتمس الأمر؛ وجد جثة امرأة غارقة على رأسها في الماء.

      وفي وقت لاحق تبين بأن المرأة الشابة انتحرت ويحكى بأن السبب نشوب خلاف عائلي بينها وأمها أو مع أقاربها لم تستطع تحمله ـ والله  أعلم ـ فقررت الانتحار بعد وقت السحور من شهر رمضان، بعد أن وضعت مقتنياتها الشخصية وما عليها من التزام في مكان بارز في دارها الزوجي.

      وحالات الانتحار بين النساء في الماضي برمي أنفسهن في الآبار تحدث عندما تجد المرأة الباب مسدوداَ لسماع مشاكلها، وهناك حالات عديدة شهدتها في صغري، ومنهن يهربن دون هدي نحو البراري والسيوح، ودون زاد، ودون تفكير بما سيحدث لهن من هلاك، على كل حال أصبح الآن للمرأة في عصرنا الحالي شأن عظيم، وقانون وضعي يساير ما سمحت له به الشريعة. 

      طوي مطلاع ميانين

      ويوجد بئران آخران في الوادي على طرفي ضاحية المرحومة رينا بنت حمد المقابلة لمسجد الحدري،ويقع إحدى تلك البئرين على الزاوية من شمال الضاحية والبئر الأخرى من جنوبها، وقد حفرت تلك الآبار في السابق لمساعدة الفلج لري الضواحي في وقت المحل، أو عند انخفاض مستوى منسوب مياه الفلج.

      1. عبد الله السناوي - شارك