1. إبراء السفالة – ج5 المجالس العامة (2)

       

      أفلاج السفالة:

      هناك عدد من الأفلاج تجري في قنوات جوفية ضيقة تحت الأرض تأتي من منابع مختلفة وتصنف هذه الأفلاج حسب منابعها على سبيل المثال: غيلية، أوعينية، ومن الأفلاج التي أعرفها تخص السناويين:فلج "الميانين" الذي سبق ذكره وفلج "الصغير" (بتشديد الياء) والموازي لفلج "أبو مخرين" (أبو منخرين)، التابع لقبيلة الحرث، وكلا الفلجين يسقيان مكاناً واحداً ويشتركان في ري ضواحي "البلاد" التابعة لقبائل الحرث من سكان السفالة. ولقبيلة الغيوث والمطاوقة والعاسرة أفلاجهم الخاصة بهم مثل فلج المعترض لقبيلة الغيوث، وفلج "السراه" و"الغيل" للمطاوقة والعاسرة وفلج "زويّد" (بتشديد الياء) وربما ذلك الفلج لقبيلة المشاهبة. وهناك فلج آخر يسمى الحلالي تشترك فيه معظم قبائل الحرث التي لديها عوابي "القت" بالنجادي. على كل حال، لمن يود الاستيثاق عن مزيد من المعلومات حول الأفلاج أوصي أن يرجع إلى مصادرها.

      منابع الأفلاج:

      لست متأكداً من منابع الأفلاج التي أعرفها في سفالة إبراء، وأيضاً لا أعرف عددها، ولكني أعرف أن هناك ما يقارب 65 فلجاً على ما أظن في إبراء كلها.

      ويتهيأ لي بأن منبع فلج "الصغير" من قرب قلعة العين، وفلج أبو "مخرين" من المكان الذي نصلى فيه صلاة العيد، وفلج زويد له منبعان أحدهما من المكان الذي فيه مساكن الشرطة ومقسم الهاتف بالسفالة، والمنبع الآخر بقرب سبلة البراونة يسمى "السمام" و كلا المنبعين يشكلان فلجاً واحداً يسمى فلج المعترض.

       أما فلج "الميانين" منبعه من قرب المحلات التي تقع جنوب سور المستشفى غرب دكان حمدون الحبسي، وتلك المحلات وقف تابعة للفلج، وتمر قناة الفلج في جوف  الأرض في الوادي تحت "سدر راشد" إلى أن يصل مجرى الفلج أمام مسجد العلوي ثم إلى الشريعة مصلى النساء، ومن ثم إلى مسجد الحدري إلى أن يصل ضواحي "ميانين".

      كلمة "ميانين" تعني "مجانين" حيث أهل الشرقية ينطقون حرف الجيم "ياءً" ولهذه التسمية قصة تحدث عنها عمي ناصر بن منصور بن حمود السناوي، في مقابلة له مع جريدة عمان من 20 سنة حيث قال: "بأنه عندما كان الأهالي يشقون الأرض لجر الفلج من منبعه في وسط الصخور مر عليهم أحد المارة أو مجموعة من الناس وسألوا الأهالي عما يعملونه، فقالوا لهم بأنهم يشقون مجرى لفلج، فقال هؤلاء المارة (اسميكم مجانين أو إنكم مجانين) أي اتهموهم بالجنون، ولما اكتمل المشروع أطلقت التسمية على الفلج وعلى الضواحي التي يرويها  هذا الفلج".

       وقد اشتغلت أنا في صغري أجيراً في القناة الجوفية للفلج، وأيضاً في فلج "الصغير"، وكنت أنزل أنا والمستخدمين الآخرين إلى العمق تحت الأرض عند "سدر راشد" لتنظيف قناة الفلج من الشوائب التي تعيق مجراه، ويصل العمق في بعض الأماكن إلى أكثر من عشرة أمتار تقريباً، وفي أغلب الأحوال يكاد الماء لا يقل عن مستوى الصدر.

      كان عمري آنذاك ربما لا يتجاوز العشر سنوات وكنت مضطراً للعمل باعتباري الولد الأكبر في أخوتي حيث أسندت إليّ مسؤولية الأسرة، وعلي أن أحل محل والدي، إذ لا بد من معيل للأسرة عن الوالد الذي انقطعت أخباره في حرب ظفار.

      وكان مقاولو الفلج يستخدمون الصغار في بعض الأحيان للوصول إلى الأماكن الضيقة في السدود (السدود جمع سد ويستخدم هذا المصطلح للتعبير عن القنوات الجوفية التي تجري فيها مياه الفلج تحت الأرض).

      كان مقاولو الأفلاج يستخدمون الصغار للوصول إلى الأماكن التي قد لا يصل إليها الإنسان البالغ وذلك لنحافة أجسامهم، وكان العمل في الأفلاج شاقاً بسبب ما يرفع من أحجار أو طين من مجرى الفلج، وقد يصل ارتفاع منسوب المياه في هذه القنوات الجوفية إلى مستوى صدر جسم الإنسان في بعض الأماكن، ويتم تمرير ما يسحب من طين وحصى للأشخاص الذين في خلف القناة ليرفع بحبل من فتحة القناة إلى الخارج.

      وللأفلاج غرضان: أحدهما لسقي المزروعات، والغرض الثاني للاغتسال. أما ماء الشرب فيستخرج من الآبار لأنه أنقى، وتخصص أماكن للاغتسال في قنوات الأفلاج، عندما يمر الفلج على أماكن السكن، قبل أن يصل إلى الضواحي في قنوات مكشوفة تسمى السواقي ومفردها ساقية.

       وتسمى فتحات الاغتسال في قناة الفلج "بالثقبة" أو"الشريعة" (بكسرالشين) تخصص للاغتسال أو الاستحمام. وثقبة الاستحمام عبارة عن حائط صغير على ساقية الفلج تتكون من أربعة جدران وفتحة دخول ويشيد الحائط من الطين أوالجص بارتفاع أقل من مترين، ويغطى سقف الحائط بسعف النخيل للوقاية من حرارة الشمس. ويمر الفلج من تحت هذا الحائط عبر فتحتين، مدخل ومخرج تسميان "سل الفلج" (بفتح السين)، فتحة لمدخل الفلج وفتحة لمخرجه، ويجلس المغتسل على الساقية عند الاستحمام أو الاغتسال.

      أما "الشريعة" فهي فتحة مكشوفة على ساقية الفلج لا عليها أي مبنى عدا أرصفة من الجوانب لمنع اندثار التراب على الساقية، ويتوقف طولها حسب عدد المستخدمين من مترين إلى أربعة أمتار، وتستخدم لغسل الملابس (الثياب)، أو غسل أواني الطعام (الوعيان)، أو لغسل الموتى في بعض الأماكن. على سبيل المثال في السابق كان جنوب المسجد الحدري (مسجد ميانين)، أمام ضاحية رينا بنت حمد.

      وبالنسبة لفلج الميانين هناك موقعين لهذه الفتحات، وتعرف بثقبة الغافة التي أمام وتحت مسجد العلوي، وثقبة نصير التي أمام الدروازة العلوية، والشريعة مكان اغتسال النساء جهة الوادي تحت بيت الوالد علي بن خالد، والثقبة الحدرية أمام مسجد الحدري، والشريعة على يمين مسجد الحدري أمام ضاحية صغيرة تتكون من نخلتين أو ثلاث من نوع "المدلوكي"، تعرف "بمال الكفن"، وقف يستخدم ريعه لشراء أكفان الموتى وما يتبعها.

      ومال الكفن قطعة أرض زراعية "عابية صغيرة" بها عدد ثلاث نخلات من فصيلة "المدلوكي"تقع شمال المسجد الحدري، تقطف أيام القيظ وريعها يخصص في السابق لتكفين الموتى وهي وقف من قبل أحد الوجهاء ربما جد بنات محمد بن راشد ـ رحمهن الله ـ وهو أيضاً  جد أم أبي.

       للأسف قطعة الأرض هذه، لم تعد موجودة لقد ضمت لدورات مياه مسجد الحدري. وقد علمت من الأخ سلميان بن عبد الله بن سليمان السناوي بأن المرحوم العم ناصر بن منصور ربما تبرع بقطعة أرض بديلة عنها من ماله، وموقعها في "ميانين"  تحت بيته.

      1. عبد الله السناوي - شارك