1. ما قبل الحافلة الحمراء الجزء الثاني

       حاجة الناس لخدمات النقل العام:
      في نوفمبر من العام الماضي 2015م، افتتح مشروع حافلات النقل الداخلي ليحل محل حافلات النقل السابقة واتخذ اسم "مواصلات" اسماً  تجارياً له،  وتميزت الحافلات الجديدة بلونها الأحمر الملفت للنظر.

      شكل الحافلات والتغيير الذي طرأ مبعث سعادة للجميع، للمواطن والمقيم على حد سواء، لأن ذلك سيحل كثيراً من الإشكالات إذا استمرت هذه الحافلات تؤدي عملها بالشكل المأمول، وقد تُنافس سيارات الأجرة، في تغطيتها للمناطق والمدن والأحياء إذا انضبط توقيتها في حمل الركاب.

      بلا شك إن خدمات أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة (الصالون) والحافلات الصغيرة (الميكروـ باص) ستتحسن كثيراً، ويبقى في الشارع من فعلاً يود العمل، ليس كما هو الحال الآن (العمل بالمزاج) إذ أنه وفي معظم الوقت نجد السيارات التي تحمل أرقام الأجرة مركونة في الصباح مع سيارات الموظفين في مواقف الوزارات، أو مؤسسات القطاع الخاص، كأنها سيارات للاستعمال الشخصي، وليست للأجرة، يعمل عليها مالكها بعد دوامه الرسمي إذا سمح له الوقت القيام بذلك.

      والمتأمل، يرى نظرياً وجود عدد كبير من سيارات الأجرة وتغطي الحاجة، ولكن عملياً غير ذك، فمعظم سيارات الأجرة خاصة الصالون واقفة ثلث اليوم، من الصباح وحتى العصر، هذا وتكاليف أجرتها عالية إذا كان مشوار الشخص في غير مسلك السائق.

      اتجه معظم المواطنين إلى اقتناء السيارات لحل مشكلات تنقلهم، وحذا الأجانب حذوهم، وبصفة خاصة الذين يزيد دخلهم الشهري عن مائتين ريال وما فوق. وساعد على اقتناء الناس السيارات عروض وكالات بيع السيارات المغرية ونظام تقسيط الدفع الميسر؛ مما أدى إلى اكتظاظ الشوارع بالسيارات، وزادت الزحمة والاختناق المروري، بالرغم من الإنفاق الحكومي السخي في توسعة الشوارع وإنشاء مسارات جديدة عبر الجسور المعلقة، إلا أن هذا لن يحل المشكلة طالما هناك ازدياد في عدد السيارات، ونمو سكاني مطرد. 

      إن انتشار خدمة النقل العام المنتظم في المدن وسائر الولايات، لا شك أنه سيخفف العبء على الأفراد من الإنفاق على المحروقات في مثل هذه الظروف الاقتصادية الحالية، وتوجه الحكومة إلى سحب الدعم. وأنا من مشجعي الناس على استخدام النقل العام، ولكن في الجانب الآخر على شركة النقل العام أن تلتزم بوعودها التي أتت على لسان مسئوليها من خلال تصريحاتهم في وسائل الأعلام المختلفة، والناس لا تود سماع أقوال وكلمات تسويف، بل تريد أفعالاً، ولا تريد أن تتكرر الأخطاء السابقة دون محاسبة.

      هناك مثل عماني كنت أسمعه بين حين وآخر عندما كنت أجالس شِيابي: (لا توعد شايع ولا تمني جائع)، الشايع سيفضحك، والجائع سيأكلك، قد لا ينطبق هذا المثل على ما سبق بحذافيره ولكن كفكرة عامة لتوخي الحذر عندما نصرح بشيء.

      في الحقيقة بدأت اعتمد على هذه الحافلات في تنقلاتي بسبب ظروفي الصحية وعدم قدرتي على السياقة بسبب ضعف بصري لاعتلال شبكية العين. أيضاً أتوقع هناك آلاف من المواطنين والمقيمين ممن يحتاجون لخدمة هذه الحافلات، مازال هناك الكثير من العمل ينتظر شركة النقل العام "مواصلات" يجب أن تمتد الخدمة في أسرع ما يمكن إلى الشوارع الداخلية أو الفرعية التي تؤدي إلى المساكن التي لم تغط؛ على سبيل  المثال: (عليَّ أن أمشي ما يقارب كيلو متر من مسكني بدراسيت حتى أصل إلى الشارع العام لاستقل الحافلة) ومن يسكن دارسيت الساحل عليه أن يمشي بما لا يقل عن 2كم (كيلومترين) حتى يصل إلى أقرب موقف للحافلة عند بلدية مسقط إن أراد الذهاب إلى مطرح أو روي.

      بعض الأفكار قد تساهم في التحسين:

      لم أطلع على نظام الشركة، ولا على هيكلها التنظيمي، ولا أحب أيضاً أن أقتبس الأفكار ولا ما يكتبه غيري من اقتراحات، إلا إذا كان تصريحاً. أحب أن أكتب بما أراه كرأي شخصي من خلال مشاهدتي ومطالعتي، وتجربتي الشخصية، ومتابعتي للأحداث. وأحياناً من خلال تجربتي واحتكاكي ببعض المسئولين. قد أكون مخطأً أو على صح. ولا أدعي أيضاً المعرفة. على من يرى ما أكتب مفيداً وأحب أن يأخذ به فهو ملكه، ومن يرى ما أطرحه من أفكار لا يقبلها العقل فليرمها في سهلة المهملات. و من بين الأفكار التي أراها قد  تحسن الخدمة، الأفكار التالية:-

      أولا:أن تكون لدى مجلس إدارة الشركة الصلاحيات الكافية للقيام بمهام أعماله على أكمل وجه، وأهمها استقلال الصلاحية المالية، حتى لا تتكرر الأخطاء السابقة؛حيث تتعطل الحافلات بسبب التأخير في شراء قطع الغيار، أو استبدال الحافلة، ويلام الفنيون ويوبخوا على أخطاء إدارية لا ذنب لهم فيها، مجرد كبش فداء.

      ثانيا:من المناسب أن يتكون مجلس الإدارة من أعضاء منتدبين يمثلون جهات ذات اختصاص لوجستي يساعد في تطوير الخدمة مثلاً: (بلدية مسقط، ووزارة البلديات الإقليمية، وشرطة عمان السلطانية، والهيئة العامة لحماية المستهلك، ووزارة التجارة والصناعة أو غرفة التجارة والصناعة ، وأيضا وزارة السياحة). وأن لا تقل درجة التمثيل الإداري لهؤلاء المنتدبين من جهاتهم عن مدير عام.

      ثالثا:من المناسب أن يكون هناك تنسيق تام بين هذه الجهات المذكورة، وبصفة فورية أن يتم مراجعة وإجراء مسح شامل على محطات توقف الحافلات الحالية في محافظة مسقط، وخارجها، للوقوف على مدى ملائمتها، وإزالة أي إعاقات تعيق توقفها في المكان المخصص لها،وعلى سبيل المثال لا للحصر، ومن خلال تجربتي الشخصية نجد في المسار رقم (4) موقف الحافلة المقابل لمبنى بلدية مسقط، والموقف على دوار السمكة بمطرح، والموقف الذي أمام سوق السمك بمطرح، توجد لافتات لتوقف الحافلة، ولكن دون تخصيص مساحة لتوقفها، إلا في الشارع، فذلك يعيق حركة المرور، ويشكل خطراً على الأرواح، وفي أحايين كثيرة تمر الحافلة على المنتظر مرور الكرام دون أن تتوقف حتى لو أشرت لها، وقد حصل عندي هذا الموقف أكثر من مرة، لربما عذر السائق تجنب المخالفة المرورية أو عدم ملاحظة المنتظر.

       رابعاً:يجب أن يكون المواطن هو الزبون الأول المستهدف بخدمات هذه الحافلات، وأن نُيسر له السبل لتشجعه على استخدامها، مساهمة في تقليل عبء تكاليف المعيشة. هذا...إذا كنا ننوي سحب الدعم عن بعض الخدمات. وأيضاً علينا أن نيسر له في خدمات أخرى، حتى يشعر المواطن بأنه في بلده و يخلص لها بولائه،عكس المقولة العمانية: (البيت بيتك والشور ما حالك),

      خامساً: التدريب والتأهيل للموظفين الفنيين والإداريين يجب أن يستمر بشكل دائم، وأٌفضل أن تكون الكلية التقنية لها مساهمة فعالة في إعداد الكوادر المهنية المتخصصة في مجال الميكانيكا وكهرباء السيارات للشركة. والسائق المستجد يجب أن يخضع لتدريب مهني - حرفي بعد تعيينه، ينال شهادة احتراف معترف بها (سائق حافلة نقل عام محترف)، ولا يوظف أي فني صيانة دون شهادة مهنية مهما كان ما يملكه من خبرة، مع الإلمام باللغة الإنجليزية.

      سادسا:من أجل ضمان جودة التشغيل؛ على الجهة التي ترسو عليها مناقصة شراء الحافلات في المستقبل عليها أن تنتدب خبيراً فنياً من المصنع يشرف على الصيانة الدورية والإصلاح طيلة فترة وجود الحافلات من نفس المصنع، وأن يشمل عقد الشراء أيضاً تدريب الفنيين العمانيين في بلد المنشأ.
      سابعا:رواتب موظفي التشغيل والصيانة وسائقي الحافلات بشكل خاص يجب أن تكون مجزية، حتى لا يجد أحد هؤلاء الموظفين عذراً للإخلال بعملهم..كتلك الأعذار التي كنت اسمعها في السابق عندما التقي ببعض موظفي الشركة، وأن يطبق نظام صارم في العمل بعيداً عن المجاملات والمحسوبية، وأن تسعى الشركة للحصول على شهادة ISO للجودة كمعيار عن رضا  الناس عن خدماتها.

      ثامناً: نظام خصخصة شركات القطاع العام مع وجود منافس يبدو أنها ناجحةً في السلطنة، من خلال التجربة التي لمسناها في قطاع الاتصالات، وفي حالة التفكير في ذلك يجب إيجاد شركة منافسة أو شركتين للمدن والمناطق.

      تاسعاً:أسعار التذاكر يحب أن تكون في حدود المعقول، وكما أسلفت أن يكون الزبون المستهدف بالخدمة هو المواطن، لأنه هو صاحب البيت، وأيضاً السائح، وأرى من المناسب أن تبدأ أسعار التذاكر من 200 بيسة لتغطى أقصى مسافة 20كم ومن ثم تحتسب كل عشرة كيلومترات بـمائة بيسة.

      عاشراً:مواقف الحافلات التي تزيد مدد انتظارها أكثر من ربع ساعة ينبغي أن تكون مظللة بما يكفي حتى تقي منتظر الحافلة حرارة الشمس، أو حتى مكيفة أسوة بالمعمول به في إمارة دبي، وأن يمنع وقوف أي سيارة لتنزيل ركابها في موقف حافلة النقل العام. كما يجب أن يكون مجمع حافلات النقل للمناطق مبنى مكيفاً به جميع الخدمات التي يحتاجها المسافر، وشبيه بصالة انتظار المسافرين بالمطار.

      وللمجلس البلدي دوره في طرح الأولويات للشركة.طبعاً شركة "مواصلات" لها خبراؤها ومستشاروها للخطط  والتشغيل، وقد تكون هذه المقترحات التي أوردتها مجرد تحصيل حاصل، ولكن يجب أن نعلم بأن المواطن شريك في التنمية بعلمه وعمله ورأيه. إن الخمسة والأربعين عاماً من  التعليم والعمل في عمان مدة أوصلت المواطن إلى مراحل متقدمة، فهو جدير بالمسؤولية ومن حقه أن يسهم برأيه في تنمية بلاده، وأن يشعر بوطنيته، وليس مجرد متلقي تعليمات، وتابعاً.

      1. عبد الله السناوي - شارك