1. كيف لموظف عام أن يكون غنياً؟

      هناك عشرات أو ربما مئات الموظفين ممن يعملون في القطاعين العام والخاص، نراهم عندما يلتحقون بالعمل، بالكاد ترى منهم من يملك قوت رزقه، وإذا كان من عائلة متوسطة الدخل كمن له أحد من والديه يعمل أو متقاعداً فإن حاله يبين من مظهره إذا كان في يسر أوعسر.

      هناك عدد ممن أعرفهم، أو سمعت عنهم، دخلوا العمل وهم لا يملكون سوى المنزل الذي يسكنون فيه، كيف أصبح هؤلاء في مدة بسيطة أغنياء؟ ...يملكون العمارات والأراضي؟ رواتبهم ودرجاتهم المالية معلومة؟ خاصة إذا كانوا من موظفي القطاع العام، إذ الدرجة المالية محددة، والترقية معروفة، ونظام المكافآت والحوافز محسوم، وساعات العمل والإجازات أيضاً مقررة؛ إذن كيف لمثل هؤلاء يجنوا الأموال وهم موظفو القطاع العام؟

      من المعلوم بأن موظف القطاع العام معسر عن غيره ممن في القطاع الخاص الذي قد يحصل على عمولة على أتعابه إضافة إلى راتبه وعلاواته من جراء العمل الذي يقوم  به، خاصة إذا كان يعمل في قطاع المبيعات، يُشارَك في الربح. هذا السؤال فعلاً محير.

      كم يصرف الموظف العام لمأكله ومشربه وملبسه هو وعياله؟ كم يصرف لإقساط سيارته تجديدها ووقودها وصيانتها؟ كم يصرف لأقساط قرض بيته؟ أو كم  صرف لبنائه؟ تلك المصروفات كلها ألم تأتي من الراتب؟ إذن كيف كسب المال؟

      فإذا افترضنا بأن المال يأتي بالجهد الذي يبذله الإنسان من وقته، سواء أكان هذا الجهد ذهني أم بدني؛ من أين لهذا الموظف الوقت الكافي؟ حتى يصبح في اليوم التالي بالحيوية والنشاط لخدمة المراجعين؟ ثم ما هي طبيعة العمل الذي مارسه حتى أتي له بهذا الكم من المال؟ اللهم إلا إذا كان على حساب عمله الرسمي.

      وهذا فعلاً حاصل، العمالة الوافدة المسرحة (التجارة المستترة) من هم كفلاؤهم؟ ألم يكن واحداً من موظفي القطاع العام؟ المناقصات أو المشتريات التي فيها العمولة ألم يكن واحد من القطاع العام له نصيب فيها؟ تسريب المعلومات عن المناقصات مقابل عمولة ألا يحصل هذا إلا من موظفي القطاع العام؟

      حتى لو لم يحصل من هذا ولا ذاك يكفي أن يُستَغل الموظف العام من قبل عماله فيستغلون لقبه الوظيفي لتمرير المعاملة التجارية، خاصة إذا كان هذا الموظف من ذوي الرتب العليا في القطاع العام. وهذا فعلاً ما حصل عندما كنت على رأس عملي قبل تقاعدي في عام 2003 م، ثم نأتي وندافع عنما لنا علم به، دون أن نتحقق كيف لهذا الشخص جمع تلك الأموال؟

      1. عبد الله السناوي - شارك