-
-
كتاب كتب باللغة الفرنسية بعنوانه: Les Swahili entre Afrique et Arabie
هجرات الحرث إلى أواسط القارة الأفريقية (الجزء الأول):
(أقرأ المقالة السابقة "وجهات نظر مختلفة" لمتابعة الموضوع)
بادئ ذي بدء يسرني أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى السيدة كوليت لوكور جراند ميزون على المحاضرة التي قدمتها في عام 1984م، عن ملخص دراستها التي قامت بها عن "هجرات قبيلة الحرث إلى أواسط القارة الأفريقية"، والشكر أيضاً موصول إلى وزارة التراث والثقافة (وزارة التراث القومي والثقافة سابقاً) التي تولت مشكورة بنشر هذه المحاضرة في الكتيب للعامة.(طبعت الوزارة المذكورة المحاضرة) في كتيب يتكون من 30 صفحة حجم 14×19سم.
ما يهمني بصفة خاصة في تلك المحاضرة، هو ما جاء من معلومات في ذلك الكتيب عن سيرة أهلي في وسط أفريقيا، خاصة أنها كانت مطابقة تقريباً بما كتبته في هذا الموقع، والتي وردت على شكل مسلسل (ذكريات، أهالي سيح العافية، الحياة في أفريقيا، الحياة في مطرح، من ممرات حياتي، العائلة، الأقارب، ومواضيع أخرى متفرقة ذات الصلة: كتب وما لم يكتب ـ وجهة نظر مختلفة.... إلخ).
كتيب وزارة التراث عن المحاضرة المشار إليها، وقع في يدي بمحض الصدفة حيث التقى أخي الأصغر (حِميَر) بقريب لنا يدعى سلطان بن عامر بن حمد (والده ابن خال أبي) من المهاجرين العمانيين إلى وسط أفريقيا، وعاش والده في بلدة بوتاري (Butare بجمهورية رواندا)، قبل أن يستقر في التسعينات نهائياً في عمان.
التقي المذكوران بإحدى المقاهي في قلب العاصمة مسقط وعرض قريبنا على أخي فقرة من كتاب كتب باللغة الفرنسية بعنوانه: Les Swahili entre Afrique et Arabie، هذه الفقرة تناولت سيرة جدنا الأكبر (جد أبي) يدعى حمود بن جندب، وفي يوم الحادي عشر من يونيو الجاري 2016 م نشر أخي في (جروب ـ الواتس أب) صورة غلاف الكتاب مع الفقرة المتضمنة المقالة عن الجد.
بعد مداولات في وسيلة التواصل الاجتماعي (الواتس - أب)، انتبه ابن خالتي (الأخ أبو أنيس منصور بن ناصر) بأنه قد تكون لديه نسخة من الكتاب مترجم باللغة العربية، خاصة عندما علم بأني وجدت الكتاب قد نفد من المكتبات على الانترنت. فعرض غلاف النسخة التي عنده مع عدة صفحات من الموضوع، وكان هذا الكتيب: (من سلسلة تراثنا ـ هجرات الحرث إلى أواسط القارة الأفريقية) وليس الكتاب الذي كتب بالفرنسية الآنف الذكر.
وفي صباح اليوم التالي زرت مقر مكتبة وزارة التراث والثقافة بمنطقة الخوير، ووجدت الكتيب الذي عرضه ابن خالتي قد نفد من عندهم، كما أن الكتيب نفد أيضاً من المكتبات التجارية. وعندما سمع مني أمين مكتبة الوزارة الإلحاح؛ أرشدني بالتوجه إلى دائرة المخطوطات بالمبنى المقابل في الوزارة، لعلهم يسعفونني بنسخة احتياطية من عندهم، وكان من هؤلاء التجاوب، وعملوا كل ما بوسعهم لمساعدتي حتى حصلت على نسخة مجانية هدية من دائرتهم. وفي هذه المناسبة لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لهم وللشباب أمثالهم المخلصين في عملهم.
ومن أجل أن تعم الفائدة للجميع وبما أن الكتيب نشر للعامة، فقد قمت بنقل محتوياته كما هي (اقتباساً) دون زيادة أو نقصان في الموقع راجياً من الله سبحانه تعالى أن يستفاد من المعلومات التي احتواها الكتيب.
هناك بعض أسماء المدن والمناطق الأفريقية وردت في المحاضرة التي يحتويها الكتيب، قد تبدو غير واضحة للقارئ أضفتها قرين كل اسم باللاتيني (انجليزي/فرنسي) كتبتها بعد ما تحققت من صحتها من الخرائط الجغرافية التي وردت في موقع (جوجل)، وذلك لزيادة التوضيح للقارئ.
هناك معلومات وضعتها بين قوسين مستطيلين، أو القوسين المعقوفين [ ] معلومات على بعض النصوص المقتبسة، لأثبت عبارة من عندي رأيتها ساقطة من النص أو خاطئة، وبالذات بما يتعلق من معلومات تخص أهلي بتلك المنطقة؛ عائلة حمود بن جندب السناوي وردت في الصفحة 24 من الكتيب المذكور، تحت عنوان (سيرة التاجر وناقل السلع) حمود السناوي.
هجرات الحرث إلى أواسط القارة الأفريقية.
الملامح الاجتماعية والديموغرافية التي تتصف بها المجتمعات العمانية في وسط أفريقيا:
جذور الجالية العمانية المقيمة في أوسط أفريقيا.
أشكال وأنماط الهجرات
عادات وتقاليد الزواج
نشاط تجارة العرب عبر القارة الأفريقية من شرقها إلى وسطها خلال القرن التاسع عشر:
النشاط التجاري ذو الطابع الدولي.
السكك الحديدية.
النشاط التجاري المحلي.
إلقاء الضوء على الأنشطة الاقتصادية للعمانيين في القارة الأفريقية.
سرد لسيرة بعض الأفراد:
سيرة التاجر وصائد الأفيال (سالم وسعيد أبناء عامر الطوقي)
سيرة التاجر وناقل البضائع (حمود بن جندب السناوي)
هذا مما أقتبس من المحاضرة التي وردت في الكتاب المشار إليه ما يلي:
بداية الاقتباس:
"السيدة كوليت لوكور جراند ميزون باحثة في المركز الوطني للبحث العلمي في باريس. ولقد بدأت السيدة جراند ميزون دراستها الميدانية في غرب أفريقيا (في كل من السنغال وساحل العاج). وقد تم نشر كتاب لها عن النشاط الاقتصادي للمرأة في داكار. وفيما بعد، قامت السيدة المذكورة بتدريس علوم الأنثروبولجيا الاجتماعية في كل من ساحل العاج والمكسيك وباريس.
وفي عام 1974م وصلت السيدة جراند ميزون إلى سلطنة عمان حيث قامت بدراسة ميدانية في المنطقة الشرقية (عام 1976م) وذلك بهدف دراسة عن قبيلة الحرث، وذلك فيما يتعلق بالأنماط الاجتماعية لتلك القبائل، ودراسة سكانية لبلدة إبراء علاوة على حقوق توزيع مياه الأفلاج هناك. ولقد وردت هذه الدراسات في كل من المجلد الثالث من مجلة الدراسات العمانية وأيضاً في المطبوعات الفرنسية.
وفي عام 1983م بدأت السيدة جراند ميزون دراسات ميدانية في أفريقيا وقد تركزت تلك الدراسات على موضوع هجرات الحرث إلى إفريقيا ومحاضرتنا هذه عبارة عن ملخص لتلك الدراسات.
هجرات الحرث إلى أواسط القارة الأفريقية:
إن الأمر الذي أدى إلى تركيز اهتماماتي على أولئك الأفراد من قبيلة الحرث الذين انتهى بهم المطاف باستقرارهم في كل من بلدي بوروندي ورواندا، إن الأمر الذي أدى إلى ذلك هو أن دراستي بدأت ذي بدء في منطقة الشرقية وبصفة رئيسية في بلدة إبراء.
وبينما تتوفر الكثير من المعلومات عن المستوطنات والمجتمعات العمانية إلى ساحل شرقي إفريقيا، إلا أنه لا توجد مراجع تتحدث عن الأقليات العربية في أواسط القارة الأفريقية.
وعليه، فقد قمت بإجراء دراساتي الميدانية في الفترة ما بين شهري يناير وأبريل من عام 1983م في كل بوروندي ورواندا حيث تمكنت من جمع المعلومات عن المجتمعات العربية في المدن والبلدان الواقعة شرق زائير.
فأولاً: وقبل تقديمي عرضاً عن الخلفيات الجغرافية والتاريخية لتلك الهجرات، فإني أرغب في شرح بعضاً من الملامح الاجتماعية و الديموغرافية والتي تتصف بها هذه الأقليات وعن حالتها الآن في وسط أفريقيا.
ثانيا: مساهمة في تخليد القصص الأسطورية للتجار العرب ونشاطهم في أفريقيا بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
وفي رأينا الشخصي، فإن أعظم الأمور على الإطلاق هي التي تتعلق بالتغيرات السياسية والاقتصادية التي حدثت في أفريقيا ونخص بالذكر ما يلي:
التحولات التي حدثت لطرق التجارة القديمة.
ظهور دولاً حديثة الاستقلال ذات حدود سياسية محددة المعالم.
ظهور نظم اقتصادية تتحكم فيه الحكومات تحكماً صارماً وهو الأمر الذي يتعارض تماماً مع النظام الاقتصادي السابق الذي اعتمد تماماً على حرية النقل الكامل بين الأقاليم المختلفة.
وبنفس المقياس أيضاً ما يحدث من تقييد حرية السكان وهم الذين تعودوا في الماضي على السفر والترحال دون أي قيود سياسية وإدارية.
الملامح الاجتماعية و الديموغرافية التي تتصف المجتمعات العمانية وسط أفريقيا:
يبلغ تعداد المجتمعات العمانية المستقرة في أوسط إفريقيا ثلاثة آلاف وخمسمائة نسمة (3500) وتتواجد هذه المجتمعات في كل من بوروندي ورواندا، علاوة على الأقاليم الشرقية لزائير (إقليمي كيفووشابا) Kivu & Shaba.
ملامح فيما يتعلق بالتعداد المذكور أعلاه:
أود فيما يلي أن اشرح الأسس التي أعتمدت عليها للتوصل إلى الرقم المذكور (3500 نسمة)، وهو رقم تم جمعه من مصادر مختلفة، كما يلي:
فأولاً: قمنا بفحص دراسات متخصصة عن السكان قامت بإجرائها السلطات في كل من رواندا وبوروندي.
وثانياً: تمكنا من الحصول على دراسات خاصة بعمليات التجارة المحلية ونعني على وجه التحديد التقرير الذي أصدرته وزارة التجارة في بوروندي عام 1981م.
وأخيراً: المعلومات والبيانات التي قمت بجمعها شخصياً بدراسة حالة كل أسرة على حدة وذلك فيما يتعلق بتحديد المكان الذي استقرت فيه كل أسرة، علاوة على شجرة العائلة ونشاطها الاقتصادي.
ومما لا شك فيه أنه من الصعب تحديد المجتمع العماني في تلك المناطق على أساس أنه مجتمع إسلامي حيث وأنه بالنسبة لغرب إفريقيا فعلى الرغم من أن العمانيين هم الذي أدخلوا الإسلام في تلك المناطق فأنهم يشكلون في الوقت الحاضر جزءاً صغيراً من مجتمع إسلامي يتكون من أجناس أخرى من البشر مثل الباكستانيين والهنود والسواحيلية وأجناس أخرى من غرب أفريقيا، ومن جانب آخر فان من خصائص هذا المجتمع الإسلامي هو كونه مجتمعاً حضرياً حيث أن الأغلبية العظمى من أفراده يعيشون في العواصم، فعلى سبيل المثال نجد أن ثلاثين بالمائة من مسلمي رواندا يقيمون في كيجالي kigali، بينما يقيم سبعون بالمائة من مسلمي بوروندي في بوجمبورا Bujumbura، في كلا البلدين نجد عدد المسلمين في رواندا، يبلغ مائتين وثمانين ألف نسمة (أي بنسبة 5,7% من مجموع السكان) وفي بوروندي يبلغ عدد المسلمين أربعين ألف (أي 1% من مجموع عدد السكان).
جذور الجالية العمانية المقيمة في أواسط أفريقيا:
هناك تجانس قبلي مثير للعجب تتصف به الجالية العمانية المستقرة في وسط أفريقيا.
وعلى ذلك، فإننا نجد أن معظم العمانيين قد هاجروا من المنطقة الشرقية في عمان وجميعهم ينتمون إلى أحد عشر فرعاً من الفروع الثلاثين التي تتكون منها قبيلة الحرث، والفروع القبلية السائدة أكثر من غيرها هي فروع الطوقي، السناوي والمرهوبي.
وأما فيما يتعلق بالبلدان الأصلية والتي بدأت منها هذه الهجرات فهي بلاد إبراء السفلى [يقصد بها ولاية إبراء ـ السفالة]، وواحات المضيبي وسناو وكان الأخيرتان هما أفقر بلدان المنطقة على الإطلاق. وبالنسبة لسناو فيقطنها بعض من قبائل البدو، بينما تقع المضيبي على طريق القوافل القديم على طول السفوح جنوب جبال الحجر وقد هجرها سكانها حين انتهت تدريجياً تحركات القوافل. ولقد أدى تدهور الزراعة في أواخر القرن الماضي ـ أدى ذلك إلى اضطرار السكان إلى الهجرة. ومما شجعهم على ذلك هو أن العمانيين كانوا قد استقروا في ساحل إفريقيا الشرقي على مدى قرنين من الزمان وهو الأمر الذي أدى بدوره إلى حصولهم على مساعدات من بني جنسهم قبل تحركهم إلى قلب القارة الأفريقية.
هذا، ولم أعثر سوى على ثلاث حالات استثنائية لا تنتمي إلى قبائل الحرث وهي: حالة من بركة الموز وحالة من نزوى والحالة الثالثة عائلة من الهناوية أصلها من ممباسا.
أشكال وأنماط الهجرات:
كانت العادة في المراحل الأولى من مراحل موجات الهجرة أن يسافر الرجال إلى شرق أفريقيا تاركين عائلاتهم خلفهم، وفي غالب الأمر كان الذكور من الآباء والأبناء والأقارب يسافرون ويشتركون في الهجرة.
وكان هؤلاء المهاجرون من الرجال يستقرون فترة من الوقت في كنف أحد أقربائهم على ساحل إفريقيا الشرقي وغالباً ما يكون ذلك في جزيرة زنجبار والتي كانت تصلها السفن الشراعية من مسقط [لم تكن منافذ السفر في السابق فقط من مسقط، بل كانت من ولاية صور بالنسبة لسكان شمال الشرقية، ومن مواني شمال الباطنة بالنسبة لسكان جنوب الباطنة].
عادات وتقاليد الزواج:
كان الذكور وأثناء ترحالهم يتزوجون نسوة من الأفريقيات وهن إما نسوة من المدن الصغيرة التي كان يمرون بها أو يتزوجون بنات رؤساء القبائل الأفريقيين كجزء من الصفقات التجارية. ولقد شاهدت إحدى تلك الحالات في بلدة أوفيرا Uvira التي تقع على بحيرة تنجانيقا [ربما المقصود غرب بوجمبورا على حدود الكنغو] حيث تزوجت ثلاث من النسوة الأفريقيات ثلاث من الأخوة العمانيين.
وكان تعدد الزوجات شيئا مشاعاً في نهاية القرن التاسع عشر. وبمرور الوقت قلت حالات تعدد الزوجات وحل محلها تقليد الزيجات المتتابعة. وكلما زاد استقرار المهاجرين العمانيين وتحسنت أحوالهم المادية والمعيشية كلما تمكنوا من التزوج من نساء من أقربائهم أما في عمان نفسها أو من فروع عائلاتهم على ساحل إفريقيا الشرقي. وبذلك تناقصت الزيجات ما بين الذكور العمانيين والإناث غير العربيات وعليه نجد في يومنا هذا إن الجالية العمانية في أواسط إفريقيا قد كبرت في الحجم لدرجة أن اغلب الزيجات أصبحت ما بين العرب فقط ومن النادر التزاوج ما بين العرب وغيرهم.
وبمناسبة الحديث عن عادات الزواج، من الممكن ذكر الملاحظات التالية:
هناك احترام تام للتقاليد العربية فيما يتعلق بأفضلية الزواج من الأقارب (بنت العم على سبيل المثال.
تغطى الزيجات مساحات جغرافية شاسعة وذلك بسبب استقرار عدد من الأقارب في بلدان مختلفة وهي بوروندي ورواندا وشرق زائير.
وأخيراً، فإن الترابط العائلي شديد للغاية ما بين العمانيين المقيمين في هذه البلدان.
- عبد الله السناوي - شارك
-