1. الصورة لمدخل حلة العريانة (العرين) وكان أمام هذا الباب سوق لبيع حطب الطهي الذي يجلب بواسطة الحمير والجمال. الصورة التقطها في عام 1998م

       الحديث عن ما قبل عام السبعين -د:

      قبل عام 1970م لم تكن لدينا كهرباء في عمان، لكن ربما في العاصمة مسقط، ولعدد قليل جداً من المساكن في مدينة مسقط وفي مدينة مطرح، والتي تعتبر المدينة التجارية للعاصمة، ولا توجد شوارع مرصوفة عدا خط بعرض عشرة أمتار يمتد من معسكر بيت الفلج إلى مدينة مسقط، ماراً أمام بوابة معسكر بيت الفلج والمدرسة، وفندق مطرح. ويشق حلة الرحبيين على يمين، وحلة الشجيعية أمام المستشفى (الرحمة سابقاً)، ماراً على يسار دروازة مطرح، متجهاً صوب عقبة ريام إلى أن يصل مدينة مسقط. هو نفس الشارع الحالي الداخلي الذي يمر الآن أمام عمارة طالب المؤدي إلى مسقط، إلا أنه  كان مشيداً بالأسمنت  بدلاً من الاسفلت.

      والمحلات التي بجانب الشارع في بداية مدخل مطرح، قبل حلة الرحبيين، كانت أبنيتها  من الصنادق أو الصفيح، ومنها بيوت بسيطة صغيرة من الاسمنت، أمامها دكاكين لبيع المواد الغذائية المعلبة، والجافة،  وبيع الأواني المنزلية البسيطة.

      عمارة طالب الحالية على يسار الشارع؛ كانت أول عمارة تبنى في أواخر الستينات، لا أتذكر ماذا كانت تحتوي دكاكينها، من الداخل، ربما كانت تجارة متفرقة، وكان هناك مطعم في مجمع العمارة المكشوف من الخلف، حتى إني أتذكر بأن عمي سالم بن منصور استأجر دكاناً هناك، عندما عاد من أفريقيا وكان ذلك في بداية السبعينات، وكنا نسكن في ذلك الوقت بحلة (منازي موجا) الحلة الواقعة شمال محلات صاغة الذهب بسكة الظلام.

      كان هناك سوق مكشوف على يمين الدروازة يباع فيه الخضار ومنتجات النخيل من التمر والرطب يؤتى بها من عمان الداخل من ولاية سمائل ونزوى، وعلى يسار الدروازة كانت توجد محطة لتعبئة الوقود (شل) في المكان الذي به مركز شرطة مطرح، وخلفها كان موقفاً لسيارات الأجرة، التي تقل الركاب بين مطرح ومسقط. وخلف الموقف توجد ساحة لبيع الحطب أمام مدخل حلة العريانة (العرين حالياً)، يجلب بواسطة الحمير والجمال.

      أما ما بعد الدروازة وحتى المنعطف إلى مسقط توجد نفس المحلات الحالية ولكن ببضاعة أقل، وعلى المنعطف كان يوجد مطعم مشهور ورواده من أفراد الجيش الذين يأتون إليه  من مراكز المناطق أيام العطلات، ومن العمانيين القادمين من الداخل، أولئك الذين يأتون مطرح للتبضع.

      وهناك مطعم آخر قبل هذا المنعطف في أعلى إحدى الأبنية على يمين الشارع بعد الدروازة، وكان هذا المطعم أيضاً مشهوراً بأكلاته، بالرغم من بساطتها المكونة من الرز والمرق المعد باللحم أو السمك، أو بما يعرف (البرياني) والفطور كان نفس الأكل الذي يقدم الآن في المطاعم الهندية، إلا أنه في السابق قبل عام سبعين أو بداية عام سبعين؛ كان ممن يعملون في هذه المطاعم من العمانيين البلوش، حيث هم من اشتهر في السابق  بإدارة المطاعم وسياقة المركبات وصيانتها بشتى أنواعها، قبل أن يأتي العمانيين العرب من سكان أفريقيا.

      أما تجارة المواد الغذائية التي تباع بالجملة كانت في يد الهنود (البانيان - طائفة من الهنود) كما مازالت حتى الآن، ومقر تجارتهم كانت في السكة الغربية من سكة الظلام في الجهة الغربية المحاذية للوادي (خور بمبه)، وتجارة الكماليات (الإكسسوارات) والأقمشة، والملابس وأدوات الخياطة، كانت تمارس من قبل العمانيين (اللواتيا) ومعظم محلاتهم كانت تقع في سكة الظلام، السكة الحالية الممتدة من الوادي (مخرج الكرنيش) إلى حلة (منازي موجا) وسور اللواتيا، هذا بالإضافة إلى تجارة الفضيات (وبالذات الذهب).

      فالتجارة في مسقط ومطرح كان لها طعم خاص، ونكهة خاصة، لأنها كانت تمارس من قبل أبناء البلد، والواحد منا في السابق عندما كان ينزل مطرح يشعر براحة نفسية، وبمتعة التسوق، خاصة في سكة الظلام التي كانت النسوة ترتادنه، حيث يشترين بما يباع في محللاتها من احتياجاتهن، وما يتلقينه من لطافة التعامل من قبل أصحاب هذه المحلات. ولكن للاسف هذه الأعمال كلها ذهبت الآن في أيدي العمالة الوافدة، ولم يبق للعماني هوية فيها، وعندما يرى الزائر الأجنبي مطرح في وقتنا الحاضر؛ يعتقد بأن الباعة من المواطنين (المهاجرين الأسيويين الذين ربما استقرت بهم الظروف المعيشية في مسقط وأصبحوا مواطنين)، كما هو الحال في بلدان شرق أسيا؛ سنغافورا، وماليزيا، بينما الحال غير ذلك بل بفعل التجارة المستترة (تجارة العمولة) التي اتخذها بعض المواطنين عادة؛ يحصلون بموجبها على مبلغ ضئيل من المال، مقابل الكفالة واستخدام السجل التجاري؛ بينما رأس المال والبضاعة كله ملك الوافد.

      وأتذكر كانت هناك منصتين لتمرير السيارات يقف في كل منها شرطي مرور بلباسه الرمادي القصير، كالتي نراها في الأفلام الهندية القديمة، يوجه حركة السيارات بتلويح يده شمالاً ويميناً. كانت إحدى هذه المنصات أمام الدروازة والأخرى بعد الدروازة على منعطف مسقط أمام المطعم الذي سبق ذكره.

      معظم المساكن في مطرح كانت عشوائية من العرشان وسعف النخيل خاصة على مشارف مطرح، في الطويان، والزبادية، والشجيعية، وجزء كبير منها في العريانة (العرين)، خاصة جبروه المعروفة بحارة الشمال، وكانت هذه المساكن يسكن معظمها البلوش، ومنها يؤجر للقادمين العرب من عمان الداخل، أما اللواتيا كانت مساكنهم داخل السور، بما يعرف بسور اللواتيا. وفي حارة منازي موجا؛ هذه الحارة أعرفها جيداً حيث تقع بعد سوق الذهب في سكة الظلام محاذية لسور اللواتيا، أذكر أن والدي كان قد استأجر لنا بيتاً هناك وسكناها لفترة. أوضحت هذا في مقالاتي السابقة (الحياة في مطرح ومعايشة والدي7-1 د).

      إن أكثر ما يميز مطرح في السابق هو دفء سكانها، مع بعضهم البعض، واحترامهم وتقديرهم للضيف، ويوجد تكافل بين الجيران، أذكر أن والدتي وأختي الكبرى - يرحمها الله ـ  كانت تربطهما علاقة وصداقة مع جيرانهما.

      بالرغم من شعورنا بالغربة عندما ننزل مسقط ومطرح في بعض الأحيان، عندما نأتي من مناطقنا بالداخل؛ إلا أننا نتأقلم بسرعة، بسبب سهولة الحياة، ولم تكن المعيشة غالية في منطقة مسقط، لكن ربما كان ما يضايقنا هو انعدام المياه، وحرارة الجو، والرطوبة، وضيق المساكن التي كانت العامل الرئيسي التي تجعل عمانيي الداخل لايمكثون أكثر في مطرح بعد قضاء احتياجاتهم.

      وسكان مسقط ومطرح كان لباسهم يختلف نوعاً ما عن لباس سكان الداخل، حيث كانوا يلبسون الكندورة والكمة المسقطية، (الكندورة التي تلبس الآن في دول الخليج، ولكمة المسقطية هي التي توضع على الرأس حالياً)، والباقون كانوا يلبسون القميص الشفاف والإزار، والكمة، طول وقت السنة، خاصة العرب ممن أتوا وأستوطنوا من مناطق الداخل، وكان هؤلاء يعملون في بيع الحطب، والحلوى، وجلب مياه الشرب على الحمير، وبعضهم باعة في سوق الخضار المكشوف.

       ربما طبيعة أعمالهم تتطلب ذلك اللباس. لاحظت نسبة قليلة من السكان في مطرح ومسقط ممن يرتدون الدشداشة والكمة أو المصر كلباسنا الحالي، لست أدري لماذا؟، هل كانت الجاليات التي قدمت مسقط من دول الساحل المجاورة أثرت على لباسنا الوطني؟ لست أدري، والله أعلم.

      من كتاب (القومية البلوشية أصولها وتطورها ـ للكاتب د. محمد بريسيك)، اطلعت على بعض المعلومات الخاصة بتاريخ عمان؛ إذ قرأت كالآتي: "ووفقاً للكاتب العربي، إبراهيم بشمي، (بلوشستان قوس الخليج المشدود)، يعود تاريخ هجرة البلوش إلى عُمان إلى بداية الاستيلاء العربي على مَكران في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك (715-705م) وفقاً لمحمد كمال خان، الأستاذ في كلية شانزو للمعلمين في ممباسا بكينيا، فقد تكثفت هجرة البلوش إلى عُمان وشرق أفريقيا في منتصف القرن السابع عشر . وفي حوالي 1650م، عقد سلطان بن سيف الأول حاكم عُمان تحالفاً مع الأمير البلوشي شهداد جوتاه عندما زار موانئ ساحل مَكُران جَهبار وكَوادَر (جوادر) التي كانت لها علاقات تجارية وصلات وثيقة مع ميناء مسقط أعطاه الأمير شهداد جوتاه قوة من الجنود المستأجرين لإرسالهم إلى شرق أفريقيا. وفي عام 1664م، كان الأمير شهداد جوتاه القائد العام لقوات الحملة العُمانية المسلحة المكونة من معظمها من قبيلة الجدكال (الزدجال) التي هاجمت الموانئ في شرق إفريقيا المحتلة من قبل المستعمرين البرتغاليين فاستولت القوات البلوشية تحت قيادة الأمير شهداد جوتاه على ماليندي وممباسا وميناء يسوع. ومنذ ذلك الحين هاجرت العديد من الأسر البلوشية شرق وغرب بلوشستان واستقرت في عُمان وساحل شرق إفريقيا. ويمكن تقفي الهجرة البلوشية الجماعية إلى سلطنة  عمان إلى وقت لجوء أحد أمراء مسقط إلى كوادر (جوادر) وهو الأمير [سيف بن سلطان الثاني] خلال فترة حكم نصير خان الأول ، الذي كان قد قدم كوادر إلى (الأمير الضيف)، وازدهرت علاقات مسقط مع البلوش عندما تولى الأمير الثائر في وقت لاحق مقاليد الحكم بعد وفاة والده.

       وفي بداية عام 1980م قيل أن خمسة آلالف بلوشي يخدمون في الجيش العماني"... (إلى هنا انتهى ما جاء في الكتاب).

      لست متأكداً عن صحة ما جاء في الكتاب، عن عدد البلوش الذين خدموا في الجيش العماني، ولكن استطيع أن أقول عندما كنت مقيماً في معسكر بيت الفلج بين عام 1968- 1969م كان عدد البلوش ظاهراً في معسكر بيت الفلج ولم أكن أعرف شيئاً عن قبائلهم ولكن كنت أعرف أنهم من جوادر (كوادر ـ مكران) المنطقة في إقليم بلوشستان التابعة لعمان.

      وقد قرأت مقالاً مطولاً في الإنترنت عن حكم عمان للجزء من اقليم بلوشسان ورأيت أن أقتبس بعض ما كتب من أجل التوضيح:-

      "جوادر العمانية سابقاً:
      حكمها العمانيون حوالي قرنين من الزمان وكان مصدر خير عليهم. تبدل حالها وتحولت من غنى إلى فقر وانتهت أهميتها التجارية بعد رحيل العمانيين عنها. بقيت جوادر تحت الحكم العماني حوالي 200 عام حيث أهداها حاكم بلوشستان نصير خانوري إلى عمان في عهد السلطان سعيد بن سلطان في عام 1760م  وبقيت كذلك الى عام 1958م  ثم وقعت اتفاقية انتقالها بواسطة بريطانيا بين السلطان سعيد بن تيمور وحاكم باكستان أيوب خان تتم بموجبها نقل السلطة إلى باكستان وفق شروط ثلاثة هي :-
      أولا: يحق للمواطنين اختيار الدوله التي يرغبون في الانتماء اليها وحمل جوازها دون الخروج من وطنهم .
      ثانيا: حصول عمان على المعونة البشرية من جوادر في أي وقت شائت.  [ربما هذا سبب تجنيدهم في الجيش].
      ثالثا: تستثمر حكومة باكستان المنطقة حتى عام 1998م  كحق امتياز على ان تستردها عمان بعد هذا التاريخ إذا رغبت في ذالك.

      وبعد خروج عمان من جوادر رحل التجار وأصحاب رؤوس الأموال الى الخليج وهاجر عدد كبير من سكانها الى عمان فأصبحت جوادر خاليه وتبدل حالها إلى شقاء وفقر"... (إلى هنا انتهى الإقتباس).

      وقبيلة الزدجال (الزدكال) كما ورد تعريفها في الكتاب المذكور، قبيلة ودودة ونسائهم جميلات بهن جمال باكستاني، حنونات، يتميزن بسهولة العشرة، جاورناهم في مطرح. والزدجاليين مخلصين للوطن والسلطان، اندمجوا في المجتمع العربي العماني، خاصة في الساحل وفي منطقة مسقط بالذات، شكلوا ثقافة جديدة مع العرب المهاجرين من الداخل، وانصهرت هذه القبيلة وتزاوجت، وكونت لهجة أو لكنة عربية عمانية نعرفها بلهجة أهل مسقط كزيادة بعض الألفاظ والحروف في نهاية الكلام بـ (لا)، وتشكيل نبرات في الصوت. (لست أدري مصدر هذا التشكيل؟... ولكن أعلم عندما يتحدث الهنود باللغة الأنجليزية يطوعونها على لغتهم بإضافة كلمة (لا No) في نهاية التعبير، ربما للتأكيد على سبيل المثال: you are coming no?…you are going no وهكذا وأيضاً تشكلت موضة جديدة (style) في اللباس والهندام، ترى الدشداشة في لبس بعض أهل مسقط بالنسبة للرجال أضيق وأطول عن التي يلبسها أهل الداخل، شبيه بكندورة أهل الأمارات (بدون بِطَان)، وأيضا طريقة وضع الكمة، وحلاقة اللحية. وربما أيضاً في نوع النعال؛ الذي يكون من الجلد من النوع الذي يطقطق عند المشي، أي يصدر صوتاً. أما لباس النساء فهو (المكسي واللحاف)، والعباية الضيقة وهو اندماج بين اللباس الباكستاني واللباس الخليجي. ومن يزر مناطق عمان سيرى تنوع اللباس فيها.

       ولو أن مظهر اللباس يتطور بتطور العصر، لكن البعض يرى غير ذلك، على كل حال هو لباس العصر في عمان. كنا نرى عندما يأتي أحدهم من أهل مسقط إلى الداخل، من السهل التعرف عليه من مظهره وملبسه  وهندمته.

      أما بقية قبائل البلوش (من مكران) فتجد عدداً كبيراً منها يسكن في الداخل، وهذه القبائل أيضاً اندمجت مع المجتمع هناك وأصبحت تلبس لباسهم، وتتحدث بلهجتهم، وتسلك سلوكهم، منهم البدو ومنهم الحضر حسب المنطقة التي يقطنونها؛ (في الظاهرة، وفي الداخلية، وفي الشرقية شمال، وجنوب). من الصعب أن تميزهم إلا بآخر الاسم، وهذه القبائل التي أتت إلى داخلية عمان يقال بأن طبيعة أرضهم هناك في مكران تشبه هذه المناطق كثيراً لذا كان من السهل تأقلمهم.

      قبائل البلوش:

      وطبقا ما جاء في كتاب البلوش وبلادهم - في دليل الخليج 1515-1908 تصنيف أحمد بن يعقوب المازمي أقتبس ما يلي:

      "أن قبائل البلوش الرئيسية الصحيحة في بلادهم الواردة في هذا الدليل هم بُزدار، وهُوت، وكَلمَتي، ولاتي، ومُلائي، ورئيس، ورِند، وشَهزَاده الذين يكادون يذكرون بأسمائهم القليلة خارج حدود مكران الغربية، وكذلك الجدكَاليون، الذين يعرفون في بلوشستان بالبَلُوش،  لكنهم في أماكن أخرى ولا سيما في سلطنة عمان يميزون عادة باسمهم الصحيح من الأسماء البَلُوشية الأخرى.

      وهم في الوحدات السياسية لبلدان الخليج وعُمان، يوجدون أصلا في سلطنة عمان، حيث يقدر عددهم نحو 20,000 وإذا ضم إليهم الجدكَاليون يصبحون 30,000 نسمة. ويقدر عددهم في ساحل عمان المتصالح بحولي 1,400 [يقصد ربما الإمارات العربية المتحدة]، وفي العراق التركي بحوالي 3,000 شخص، وفي المناطق المتوسطة بين قطر والبحرين والحسا والكويت لا يكادون يذكرون ولا يوجد في نجد إطلاقا على ما يبدو" (أنتهى الإقتباس). وفي موضع آخر من الكتاب بين بعض هذه القبائل في الخليج (كالرئيسي، والهوتي، والزدجالي، إلخ..) فمن يود أن يستزيد على معلومات أكثر يمكن الرجوع إلى الكتاب المذكور، ومتوفرٌ في الأسواق.

      العمانيون بصفة عامة بمختلف طوائفهم:

      العمانيون سهلو الطباع، بسطاء، قنوعين، دائما ما يتفادون الشر، شعب مسالم، يرجحون العقل قبل كل شيء، طبيعة أرضهم جعلتهم شعباً صبور، شعب شغوف بالعلم والمعرفة ومصادقة الشعوب، شعب حضاري مندمج مع مختلف الحضارات في شرق أفريقيا أو جنوب غرب أسيا. يربطه تاريخ مع دول الجوار كإيران مثلاً، وباكستان وبلوشستان والهند والخليج العربي بما فيهم مدن العراق كالبصرة والموصل. العمانيون عبروا البحار بسفنهم وصلوا إلى ما بعد الصين في الشرق وإلى أمريكا في الغرب. كثير من المستشرقين في العالم تحدثوا في كتبهم عن عراقة هذا الشعب في كتبهم، قبل أن يتحدث العمانيون عن أنفسهم، شعبٌ نشر حضارته بالسلم، وليس بقوة السلاح واحتلال الأرض وبالعلم والمعرفة، والتجارة العادلة، لقد سمعت عن دخول الأندونسيين الإسلام كان بسبب حسن تعامل التجار العمانيين واليمنيين معهم.

      إذا كنت قد تحدثت عن سيطرة (هنود ـ البنيان) على التجارة في مسقط، فالعمانيون أيضاً سيطروا على التجارة في أفريقيا، كما سيطر هؤلاء الهنود على التجارة هنا في عمان. أعرف الكثير من أهلنا في إبراء كانوا من التجار الكبار، لمعت أسماؤهم في رواندا، وبوروندي، وأوغندا، وأيضاً الكنغو وتنزانيا. وكانوا في هذه الأخيرة معظمهم خدميون ومزارعون؛ يعملون في الزراعة أو في مجال النقل، وبيع التجزئة. وكان العمانيون يساعدون بعضهم البعض، كلٌ يُيَسر للثاني، تماما كما يفعل الموزعون الهنود مع بعضهم البعض في تجارة التجزئة في عمان وظهور التجارة المستترة.

      لست أدري كيف كانت الخدمات العلاجية في السابق، هل كان الناس يعتمدون على الطب الشعبي فقط، حيث في الستينات لم أعهد مستوصفات صحية إلا مستشفيين واحد في مسقط عند السفارة البريطانية سابقاً والآخر في مطرح أمام عمارة طالب الذي هو (مستشفى الرحمة)، الذي بيع جزء منه والجزء الآخر عمل مركزاً صحياً لأهالي مطرح. أما في إبراء كما أشرت في المقالات السابقة عيادة صغيرة جداً في حلة المنزفة. وقد علمت من خلال برنامج الإذاعة عن الموسوعة العمانية بأن أحد هذه المستشفيات أنشأ في بداية القرن التاسع عشر، المستشفى الآخر ربما أنشأ في الثلاثينات أو الأربعينات لست متأكداً على وجه التحديد ولكن بما أعلمه هو أنه كانت الخدمة العلاجية التي تقدم فقيرة جداً

      1. عبد الله السناوي - شارك