-
-
الصورة (FP 788) لإبن خالي: محمد بن سالم اثناء قيامهم بالدورية ومن الصورة يتضح نوع السيارة والسلاح المستخدم قبل التحديث.
الحياة في مطرح ومعايشة والدي7-2 د
إقامتي في بيت الفلج:
To read the article in other languages; Please click on the word “Language” at the top left of the page, highlighted in brown
ملاحظة: لقراءة هذا الموضوع تلقاءيا اطبع على "جوجل سيرش" السناوي الأسرة ثم عنوان أو رقم الموضوع
لا أتذكر كيف تم إرسالي إلى إمارة دبي في أواخر الستينات ولكن بما أتذكره هو إني: كنت مقيماً في معسكر الجيش ببيت الفلج، بحي مطرح الكبرى، كما يعرف الآن، وذلك تحت رعاية أحد أصدقاء والدي المقربين ورفيقه في السلاح في حرب ظفار، يدعى: عبد الله بن صالح ألحبسي (الذي وصل إلى رتبة فريق وبدرجة وزير، يرأس جهاز الأمن الداخلي في عهد حكم صاحب الجلالة السلطان قابوس).
وكان معالي الفريق في ذلك الوقت ربما برتبة اقل من ضابط ولكنها ارفع من جندي في بيت الفلج؛ عندما نقل والدي للخدمة في ظفار، حيث والدي أوكل إليه الإشراف على إقامتي في المعسكر حتى استمر في دراستي بمطرح بإحدى المدارس الخاصة.
وجودي في المعسكر كان بترتيب مسبق مع الضابط البريطاني (الميجر – ديني- سن) الذي كان ربما في ذلك الوقت ضابطا للأمن الداخلي، أو الأمن القومي... شيء من هذا القبيل لست متأكدا في ذلك الوقت، ولكن كان له نفوذ، وضابطُ مخضرم، يتقن التحدث باللغة العربية، ويحتك كثيرا مع شيوخ القبائل في عمان في الداخل، وقد عينه صاحب ألجلاله مستشارا كما علمت وشغل المنصب حتى وفاته.
والميجر (ديني – سن) هو الضابط الذي أتى إلى إبراء ليستوظف والدي في الجيش، وأذكر هذا الضابط جيداً، شخصيته محبوبة وهادئة، وربما هو من أسس جهاز الأمن الداخلي - والله – أعلم ولكن هو أيضا من أنقل والدي فيما بعد؛ في عهد صاحب الجلالة السلطان قابوس من الجيش إلى الأمن الداخلي عند تأسيسه، واستقلال الجهاز عن الجيش... ولربما أهل مكة أدرى بشعابها لست خبيرا في مثل هذه الأمور.
قابلت هذا الرجل في إبراء، وعدة مرات في معسكر بيت الفلج، وكان كلما أقابله بالصدفة يسألني عن دراستي؛ إذا كان هناك شيء ما يضايقني، ولكن كنت أتعجب من تلك الأسئلة، إلى أن علمت فيما بعد بأن والدي اشترط عليه عند تجنيده بإيجاد لي دراسة، وربما لكي يرضي والدي وليجند له والدي عدد أكبر معه، لبى طلب أبي بالسماح لي بالإقامة في المعسكر، وكنت في ذلك الوقت، ربما دون سن الثانية عشر، ولحقني أخي علي فيما بعد وأصبحنا اثنين في المعسكر.
و بسب ندرة وعدم توفر وسائل النقل في ذلك الوقت كنا نمشي أنا وأخي وزميلي سيف الخروصي الذي انضم إلينا هو أيضا؛ نمشي مشياً على الأقدام بين مطرح و معسكر بيت الفلج، وزميلي سيف كان هو أيضا تحت رعاية أحد أقاربه الذين كانوا يعملون في التمريض بالمركز الطبي بالمعسكر.
تقع المدرسة التي كنا ندرس فيها بالقرب من سور اللواتيا - في الحارة التي تعرف في ذلك الوقت (منازي - موجا) بعد سوق الذهب في آخر سكة الظلام بمطرح وكانت المدرسة تعرف باسم مدرسة عبد الرضا وتأتي قبلها في الموقع مدرسة قاسم التي التحق فيها أخي علي فيما بعد. ولست أدري سبب تسمية تلك الحارة بذلك الاسم ولكن الذي أعرفه بأن عبارة (منازي – موجا) باللغة السواحيلية تعني (نرجيلة واحدة)، شجرة جوز الهند، ولربما القصد بذلك الاسم حي: (النرجيلة) (شجرة جوز الهند)، وأيضا اسم سكة الظلام ربما لكون السكة مسقفة، وسقفها يحجب أشعة الشمس عن تلك المحلات الصغيرة على طول السكة.
كنا نستيقظ في الصباح كما يستيقظون الجنود ونمسك نفس طوابير العساكر في المطبخ لاستلام الفطور، قبل أن نتوجه إلى المدرسة وكانوا الناس في ذلك المعسكر يعتقدون بأننا مجندين مدنيين، صغار للعمل؛ (فراشين) في مكاتب ضباط الجيش الأجانب، أو في بيوتهم كانت تعرف هذه الأعمال في ذلك الوقت (ماز - بوي mess boy فراش صفرة (صفرجي) و (أوفيس – بوي)، فراش مكتب office boy إذ كان من المعتاداً في ذلك الوقت تشغيل صغار السن في مثل هذه الأعمال، وربما من أجل سلامة العائلات التي يشتغلون عندها، ولكن كثيراً من هذه العمالة الصغيرة تجند في الجيش فيما بعد كجنود عند بلوغها سن التجنيد.
وظلت هذه التسميات قائمة في دول الخليج، كثيراً ما كنا نسمع عن العمانيين الشبان الذين سافروا في نهاية الخمسينات والستينات، إلى هذه الدول عملوا في مثل هذه الأعمال في المكاتب عند نهوض هذه الدول، بعد اكتشاف النفط، وكانت مثل هذه الأعمال هي فقط السائدة في ذلك الوقت، بسبب انعدام التعليم الحديث، وسعي هذه العمالة من أجل طلب الرزق. بالإضافة إلى الكثير منهم عملوا (كوليه) عمال غير مهرة، في قطاعات مختلفة ومنها المقاولات والزراعة وفي الحدائق العامة.
ولا أخفي سراً إن قلت كان الجو بالنسبة لي قاتم وكنت في أشد الضيق من تلك المعيشة المريبة بالنسبة لي في ببيت الفلج، أي بمعنى آخر أحسست من غير المناسب لي الإقامة في ذلك المعسكر، وأنا لا ارتدي الزي العسكري... وكنت أنا و زميلي سيف نعاني كثيرا عند عودتنا إلى المعسكر من المدرسة، كنا نتسلل عبر الشبك لدخول المعسكر، إذا ما صادفنا الحراس غير عن الذين يعرفونا. حيث كان بعضهم يرفض السماح لنا دخول المعسكر. وكنا نعاني من تلك المعيشة الغير قانونية في المعسكر؛ حيث كنا نراها مجرد (واسطة)، إذ لا توجد لدينا أوراق ما تثبت السماح لنا بالإقامة في المعسكر، وكانت هذه الإقامة مجرد واسطة شفوية من قبل الميجر "ديني- سن" الذي جند أبي.
- عبد الله السناوي - شارك
-