-
-
(الصورةFP 78 ) على جهاز اللا سلكي المحمول
الحياة في مطرح ومعايشة والدي 5-2د
تخصص ابن خالي – في سلاح الإشارة:
تخصص الأخ محمد بن سالم (ابن خالي المذكور) في اللاسلكي وأصبح مشغلاً لاسلكياً في الفرقة، وبقي في نفس القسم وشارك في حرب ظفار مع والدي، إلى أن استقال في عهد حكم جلالة السلطان قابوس - بداية السبعينات ـ وقد أفاده هذا التخصص عندما التحق بشركة (كابل - أند – واير- لس) الشركة المشغلة لقطاع الاتصال في عمان، وعمل في القسم المعني باتصال السفن - الاتصال الساحلي والذي أصبح فيما بعد قسماً يعرف بالمحطة الساحلية بشركة عمانتل. (الصورةFP 78 )
لا أتذكر كم كان عددنا عندما أقمنا في مطرح بعد مركز الغبرة ولكن يتهيأ لي بأننا كنا أكثر من ثلاثة أشخاص، في بيت من سعف النخيل يقع بقرب الدروازة في حلة (العريانة) التي غير اسمها إلى حلة (العرين)، وأتذكر كانت هناك عيادة طبيب أسنان إيراني، على السكة المؤدية إلى الدروازة؛ وقد يكون مقر إقامتنا في نفس السكة، حتى أني كنت أتذكر قصة ظريفة، حدثت بين أخي علي والرجل الذي معنا: كان ذلك الرجل شخصاً ثرثاراً، يستغرب من كل شيء حديث؛ غير مألوف عنده، ويسخر من كل شيء، حتى أنه سخر من المرحاض الأرضي الأبيض في دورة المياه، المتوفر في ذلك الوقت؛ يقضي الناس فيه حاجتهم، يراه شيئاً غريباً، حتى كان يرى من الصعب له قضاء حاجته في ذلك: (الإناء الصيني) كما كان يسميه.
ومنذ أن ركبنا شاحنة الجيش من إبراء، وعينه على أخي علي، وكانت تؤذيه أدنى حركة تصدر من طفل بريء مثل أخي؛ تعود على المرح، ولم أدر ماذا كان يدور بينهما حتى الانتقال إلى مطرح، والسكن في تلك الخيمة المصنوعة من السعف، وفي اليوم التالي من وصولنا كنت أساعد في طبخ الغداء على(ستوف) الموقد الذي يعمل بالكيروسين، وبينما هذا الرجل يلملم ببعض أغراضه على مدخل الخيمة من الداخل، وإذا بي أتفاجئ بأخي علي أن حمل العصا وضرب الرجل على ظهره وولى هارباً إلى جهة مجهولة، وانتابني الخجل من تصرف أخي، ولكن لم استغرب من ذلك التصرف من أخي، وكنت قلقاً على أخي، أين عساه أن يذهب؟ في ازدحام مطرح! حتى كدت أن أظن بأني لن أعثر عليه، ولكن بمحض الصدفة اتجهت إلى دروازة مطرح، وحمدت ربي عندما وجدته جالساً؛ غير نادم بما فعله بالرجل.
طمأنت أخي وعدت به إلى الخيمة وكان هذا الرجل يود القصاص بنفسه، ولكني طمأنته بأني سأرد له حقه، وهكذا انتهت القصة إلى أن عدنا إلى إبراء، واتجه الرجل من السيارة عند وصولنا إبراء مباشرة إلى والدتي، ليتشكي، وكنت متأكداً أن ما حدث ذلك من أخي، كان دون سبب؟، وكان الرجل يقول لوالدتي كلاماً ملقاً، لم أتوقعه بأن يصدر من رجل في سنه، ولابد أن هذا الرجل ربما اعتدى على أخي بكلام سوقي جارح ولم يعتد عليه أخي، أو أن شيئاً ما قد حدث بينهما؛ لم يكن هذا الرجل من الناس الذين لهم وقار يحترمون عليه، أخذت والدتي توجه اللوم على أخي بأسى بعد انصرافه، هكذا انتهت القصة.
لست أدري عدد المرات التي نزلت فيها مطرح، ولكن مما يبدو لي بأن تلك كانت المرة الرابعة، حيث الأولى كانت عندما جئت من أفريقيا إلى عمان مع العائلة (جدي، وجدتي وأمي ووالدي وأخوتي، ومعنا العم ناصر بن منصور وزوجاته الاثنتان، خالتي مياء، وضرتها العمة زوينة بنت رشيد) وأولادهما، ومعنا أيضاً العم علي بن خالد الذي كانت زوجته في عمان). والمرة الثانية نزلت فيها مطرح كانت تلك التي رافقت فيها والدي إلى أفريقيا، ومعنا الوالد ماجد بن سعيد البرواني وابنه سعيد، يرافقنا عبدالله بن محمد بن راشد العيسري حيث كان هؤلاء قد رافقونا إلى ممباسا. والمرة الثالثة عندما عدت من أفريقيا مع أبي وبصحبتنا أولاد خالي سالم الأخ غير الشقيق لوالدتي. ولم تتح لي الفرصة في كلتا الرحلتين للتفقد والتجول في مطرح إلا في المرة الثالثة والرابعة، لذلك اهتديت للوصول إلى دروازة مطرح بسهولة للبحث عن أخي إثر تلك الحادثة حيث اهتديت إليه دون صعوبة.
والمرة الخامسة التي زرت فيها مطرح كانت عندما زرت أبي و ابن خالي محمد في معسكر بدبد، رافقني أخي علي، ومعنا أيضاً أولاد خالي سالم:(سيف وحمود والخال ناصر) خالي ناصر ـ الله يرحمه ـ كان يصغرني سناً، ولا أتذكر ماذا كانت المناسبة؟ من تلك الرحلة، وكم من الوقت الذي قضيناه في هذا المعسكر؟ ولكن بما أتذكره عن إقامتنا أنها كانت أسهل بكثير عن تلك التي كانت في معسكر الغبرة، حتى كنا ننزل بعد الظهر للسباحة في برك الوادي، مع بعض الجنود برفقة ابن خالي (محمد) المجند في المعسكر، (برك الوادي ببدبد): بدبد ولاية من ولايات المحافظة الداخلية، وأجمل قراها فنجا، وبعد مدة عدنا إلى إبراء.
ومما يبدو لي بأن تلك كانت هي الرحلة الأخيرة إلى مطرح قبل أن أترك الدراسة في مسجد الجامع، والأخ محمد كان زميلاً معنا في الجامع قبل التحاقه بالجيش، وهناك أمضى فيها أبي ومحمد فترة في التدريب، قد لا تقل عن ستة أشهر قبل أن يأتوا إلى هذا المعسكر (معسكر بدبد)، ربما للتدريب التخصصي أو لتمارين قتالية قبل نقلهم إلى ظفار.
لا أتذكر الفترة التي كانت بين تركي الدراسة في الجامع وانتقالي للدراسة في مطرح، ولكن عندما انتقلت إلى مطرح للمرة الخامسة، كان والدي وابن خالي: محمد، قد أرسلا للقتال في ظفار، حتى كان عندما يأتي محمد إلى إبراء لقضاء الإجازة السنوية ويجلس مع الشباب تحت (سدرة عمر) كان يحدثنا عن عمليات القتال والمعارك التي كانت تدور رحاها هناك حتى أن - كنا نستمع إليه بشوق.
- عبد الله السناوي - شارك
-