1. الصورة (FP 153B1):

      تجمعنا أنا وأخي علي مع العم علي بن خالد في الخلف الشرفة الخلفية الموازية ومساوية في الطول لشرفة الدكان الأمامية، وفي أقصى اليمين من الشرفة الخلفية تقع غرفة والدي ووالدتي ملاصق جدارها الخلفي لغرفة الضيوف، التي مدخلها من شرفة الدكان.

      الحياة في أفريقيا4-1د

      عرب بوروندي وعرب رواندا يحرصون على التواصل:

      كان عرب بوروندي وعرب رواندا (العمانيون) يحرصون على التواصل في المناسبات والأعياد و العطل الرسمية، ويستمتعون بزيارة الأقارب والأصدقاء، حيث كنا دائماً نتجمع في الأعياد بيت جدي حمد، ببلدة "ريهيجي"،ولا أتذكر أكثر من ذلك، وعندما بدأ الوضع يتغير في أواخر الخمسينات في بوروندي قرر جدي  صالح رحيلنا والعودة إلى الوطن عمان، وأذكر من مظاهر تردي الأوضاع هناك، كنت أرى العسكر، ولأول مرة, أرى الجيش البلجيكي بمعداته وسلاحه يجوب شوارع البلدة، في "موينجا"،تلك البلدة لم تكن كبيرة في ذلك الوقت كانت شبيهة بقرية، لكني سمعت بأن الوضع تغير فيها الآن،فأصبحت مقاطعة أو محافظةProvence

      وأتذكر كان مركز البلدة يقع في الحي الذي كنا نسكن فيه، وهو عبارة عن ساحة على شكل دائرة بيضاوية يتوسطها سوق مفتوح بمظلة لبيع اللحوم والخضار، وحول الساحة دكاكين أو محلات تجارية، ويتوسط هذه الدائرة على الجانب دكاننا ويقابله في الجهة الأخرى دكان عبد الله بن محمد (الريح) ودكان سعيد وسالم أبناء مسعود السعودي، ومن الجهة اليمنى دكان الباكستاني أو الهندي عبد الرحمن ومن جهة اليسار بمسافة قليلة يقع دكان "ناتوا" الهندي  الذي اشتراه أبي ليوسع تجارته.

       

      وفي فترة طفولتي في بوروندي لم تتح لي فرصة اللعب والاختلاط مع أطفال غير  أخوتي، إلا في مواسم الأعياد عندما نذهب لزيارة جدي حمد في "رهيجي" لمدة يومين أو ثلاثة أيام، حتى كدت أظن بأن Muyinga ليس بها أطفال عدا نحن فقط، وعندما اشترى والدي بيت "ناتو" كانت والدتي تسربني خفية للذهاب والجلوس مع أبي كمتنفس لي من البقاء في البيت. وأذكر أن كان والدي يطبخ لي "بيضاً مسلوقاً" عندما أكون معه، ومن غبائي كنت أرمي المح (الأصفر) وآكل بياض البيض، إلا أن بيت "ناتو"  لم يدم معنا طويلاً، إذ لا أذكر سبب إغلاقه، ولكن فيما أظن أنه بعد فترة قصيرة تم لملمة الأغراض استعداداً لعودتنا إلى عمان.

       

      كان يمنع علينا الخروج حتى ولو إلى برزة الدكان في "موينجا" ولا يسمح لنا التحدث مع المروندية (الأفارقة من سكان بوروندي)، و كان لعبنا يقتصر فقط داخل فناء البيت بالأدوات المنزلية أو الطلوع والنزول "التنطط" على ركام جذوع الأشجار المقطوعة التي كانت تكدس في فناء البيت لاستخدامها كوقود لطهي الطعام،حيث لم يكن لدينا غاز الطهي، في ذلك الوقت، ولا كهرباء، كنا نعتمد على قناديل الكيروسين في الإضاءة، وكانت الحياة لا تختلف من الناحية المعيشية عن عمان عدا استخدام السيارات في التنقل والسكن في بيوت من الإسمنت والنوم على أسرة.

       

      كانت والدتي تحرص بأن نظهر بمظهر لائق، وتعتني بنا كثيراً من ناحية النظافة، خاصة النظافة الشخصية، ونظافة الأقدام لوجود دودة "الفونزة" التي تدخل في القدم، وكان ملبسنا كله عمانياً لا نلبس إلا الزي العماني داخل البيت وخارجه، ونتزين في الأعياد بنفس الطريقة المستخدمة لأطفال عمان (الكحل، والحناء، وتعقيص الشعر، والتبخير (البخور)، إلا أننا كنا نرتدي الأحذية بدل النعل عند الخروج، وقد يكون السبب ربما لوجود تلك الآفة التي تدخل في القدم. وما لاحظته بصفة عامه كان معظم العمانيين من الرجال يرتدون الأحذية في بوروندي وأيضاً في بلدان أخرى في أفريقيا بصفة عامة، والجاكيت (الكوت) عند السفر أو الخروج، ربما للاستفادة من الجيوب في الجاكيب لوضع حاجياتهم.

      1. عبد الله السناوي - شارك