-
-
الصورة (Father 20):
للجد صالح في الوسط، خلفه من اليمين ابنه الوالد أحمد ثم صديقهم محمد بن حسين، والذي بعده العم علي بن خالد.
الحياة في أفريقيا-2د
حياتي التي سبقت العمل:
حياتي الماضية التي سبقت فترة العمل قبل الخامس من أغسطس من عام 1975م يمكن أن أضعها في ثلاث مراحل:المرحلة الأولى: هي فترة الخمسينات، والمرحلة الثانية: فترة الستينات، والمرحلة الثالثة: فترة السبعينات وما بعد.
فترة الخمسينات:هي الفترة التي ولدت فيها وكنت طفلاً في أفريقيا بجمهورية بوروندي، ترعرعت وتربيت بين إخوتي في أكناف أهلي وكان ترتيبي الثاني، أكبر أخوتي بعد أختي رياء رحمها الله التي أصغرها أنا بسنتين تقريباً، ومن بعدي تأتي أختي حسينة ثم أخي علي واثنان من الأخوة الصبيان هما عامر وحمود توفيا وهم صغار ـ رحمهما الله ـ ثم ولدت أختي عزيزة في إبراء في مطلع الستينات، وبعد ذلك تلاها اثنان من الأخوة التوأم ولكنهما توفيا بعد ولادتهما أيضاًـ رحمهما الله ـ وبعد ولادة أختي عزيزة ربما بشهر واحد أو شهرين رافقت والدي إلى أفريقيا لاستقر في ممباسا العاصمة التجارية لجمهورية كينيا من أجل التعليم، ولكن لأسباب لا أعرفها بعد سنتين عدت مع والدي إلى عمان وبرفقتنا أولاد خالي سالم الذين أتوا مع والدي من بوروندي والتقيت بهم في بلدة "نيجوبيا" Nyigobya بأوغندا.
وفي السبعينات ولدت أختي زكية في مستشفى مسقط القديم عندما كنا نسكن في مطرح بحي "منازي موجا" غرب سوق الذهب بسكة الظلام، وبعدها ولدت أختي جميلة عندما سكنا دارسيت، ومن ثم أختي خولة, وتلاهما أخي حمير عندما كنت في الخارج بإيطاليا. جميلة وخولة ولدتا في مستشفى خوله الكائن بمنطقة ميناء الفحل كان يعرف هذا المستشفى بمستشفى PDO اختصاراً لشركة تنمية نفط عمان التي أسست هذه الشركة في أواخر الستينات، ثم حول المستشفى إلى مستشفى حكومي في منتصف السبعينات بعد إدخال التعديلات والإضافات عليه ليصبح بعد ذلك مستشفى تخصصي لعلاج العظام بعد التسعينات من القرن الماضي.
قدوم والدتي إلى عمان:
ومن الصفات الجيدة للمغتربين العمانيين بأفريقيا وبالذات في البلدان التي لا تتوفر فيها مدارس تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي يرسلون أبناءهم عندما يصلون سن المدرسة إلى عمان لتعلم اللغة العربية والقرآن، متكبدين مشاق ركوب البحر على ظهور السفن الشراعية.
عندما أتت والدتي في فترة الأربعينات مع أشقائها الثلاثة إلى عمان: (مياء وهلال ومحمد) كان هذا الأخير (محمد) رضيعاً، وللأسف توفي في إبراء وهو رضيعاً، وقد يكون سبب وفاته الجفاف كما فهمت من والدتي بعد فطامه، ولسبب قد يعود أيضاً لسوء التغذية؛ لأنه كان لا يقبل أن يتناول الحليب، وربما أصيب بمرض الجفاف من كثرة الإسهال الذي عادة ما يصيب الأطفال الرضع، واعتماد الأهل على الطب الشعبي لعدم توفر الخدمات الصحية في ذلك الوقت، وتقول الوالدة بأنهم أتوا إلى عمان عن طريق البحر بواسطة سفينة خشبية ونزلوا ببلدة محوت بالمنطقة الوسطى من عمان، وعند وصولهم استقبلهم جدي صالح ونقلهم على ظهور الحمير إلى إبراء، حيث سكنت هي وأخوتها بيت جدهم حمود بن جندب، "البيت الشرقي"، أما أمهم "سعادة" فقد ذهبت مؤقتاً إلى بيت والدها سعيد بن راشد بقرية السباخ لمدة يومين ثم عادت لاحقاً لتسكن معهم.
تعليم القرآن:
تعلمت الوالدة وأخوتها القرآن في مدرسة سيح العافية، وكان من جملة زملائها من العائلة الوالدة عزيزة بنت حمد ابنة خال أبي، ومياء بنت سالم بن حميد ابنة خالة أبي (عينا بنت عامر بن حمد)، وكانت معلمتهم تدعى شمسة بنت سويلم تقرب للوالد المرحوم علي بن ناصر، وهي امرأة عجوز عزباء.
تعلموا من العجوز شمسة القرآن، مع جملة من أولاد الحارة، ومن أبرزهم الوالد حمود بن ناصر بن حمود بن سلوم السناوي الملقب "بالمعلم"، وبعد زواج أخت والدتي الكبرى الخالة مياء من ابن عمها الوالد ناصر بن منصور و وفاة أمهم، وجدهم حمود بن جندب أصبح من المستحسن أن يعودوا إلى أبيهم بأفريقيا، ورافقهم أخوهم عبد الله الذي سبق تواجده في عمان، جاء برفقة عمه صالح وعاش معه في بيته وتربى هو وابن عمه (أبي) في بيت واحد " البيت الحدري" إلى أن عاد مع أخوته إلى أفريقيا بمعية الوالد ناصر بن منصور حتى بلغا بلدة دار السلام بتنزانيا، ولكن الوالد ناصر بن منصور عاد عنهم من دار السلام إلى عمان و لم يكمل معهم الرحلة إلى بوروندي، واستقبلوا بدار السلام من قبل أبيهم (الجد حمد) ثم أصطحبهم إلى مقر إقامته ببلدة "كتيجا".
وعندما سألت والدتي عن الجد منصور بن حمود ما إذا كان قد سافر إلى إفريقيا أم لآ؟ قالت قد يكون هو وأخوته حمد وصالح مع أبيهم حمود بن جندب الذي سكن "كتيجا" قبل استقرار الجد منصور في عمان. وعندما سألتها أيضاً عن مكان وجود الجد حمود بن جندب عندما أتوا إلى عمان قالت: بأنهم وجدوه في إبراء في عمان، وقد تزوج من الوالدة نعمة بنت محمد بن راشد السناوية ومسكنه البيت الشرقي، وعاشوا معه إلى أن عادوا إلى أفريقيا بعد وفاة أمهم ليلحقوا بأبيهم في Gitaga "كتيجا"، وكانت Gitagaهي مقر الجد حمود بن جندب بعد زنجبار، ثم استقر بعد ذلك في عمان إلى أن وافته المنية.
ومن أعماله الخيرية في "كتيجا" أن بنى فيها مسجداً حسب الإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت، والمسجد معروف "بمسجد كتيجا" مازال قائماً إلى وقتنا الحاضر، حيث جاري التعديل فيه، وكان يقيم مع الجد حمود بن جندب في كتيجا أبنائه حمد وصالح.
قدم الوالد صالح إلى عمان بعد ذلك كما أشرت في مذكرات سابقة، ومعه ابن أخيه عبد الله الذي سبق أخوته وقد جاء عبد الله إلى عمان ربما ليتعلم القرآن والعادات والتقاليد ومزاملة أبي، إذ تقول أمي بأنه لم تر شقيقها المذكور إلا في عمان، وترتيبه في أسرتها الثاني في الولادة بعد خالتي مياء، وتوفي الخال عبد الله في "بوجمبورا" عاصمة بوروندي مقتولاً عندما كان يحاول الدفاع عن خاله عبد الله بن سعيد بن راشد من هجوم أحد المحليين اللصوص، ولهم أخ آخر غير شقيق اسمه سعيد من أم هاشمية تدعى عزيزة بنت حمود بن علي توفى سعيد وعمره تسع سنوات على إثر حادث حريق اشتعلت النار في ملابسه، عندما كان يهم بتشغيل مكينة كهرباء البيت، ببلدة "رهيجي" على أثرها أضر الحريق بقلبه وكان معه أخوه الأكبر عبد الله الذي أصيب هو أيضاً بحروق في يديه.
تزوج الجد حمد (والد أمي) عدة مرات و كانت أول زوجاته حبسيه من بلدة المضيبي في عمان تزوجها قبل هجرته إلى أفريقيا، ولكنه طلقها عند سفره لعله كان يعلم بعدم الرجوع إلى عمان وتوفى الجد حمد في مطلع الستينات ببلدة "رهيجي" على أثر سكته قلبية داهمته وهو في الحمام، أما ثاني زوجاته فكانت سواحلية تزوجها في أفريقيا وتدعى أو تلقب "بماما سالم" وهي أم أكبر أبنائه، وفي أفريقيا أيضا تزوج أم والدتي سعادة بنت سعيد بن راشد الطوقيه، وأثناء وجودها مع أبنائها في عمان تزوج عليها في إفريقيا بهاشمية تدعى عزيزة بنت حمود بن علي، التي أنجبت له ابنه سعيد الذي سبق ذكر وفاته وتوفيت أم سعيد أيضاً بعد وفاة ابنها، ثم تزوج قبل عودة والدتي وأخوتها إلى أفريقيا بامرأة حبسية كبيرة في السن وصفتها أمي بأنها امرأة تقية وكانت تذاكر لهم القرآن قبل طلاقها، ثم تزوج بعدها من امرأة سواحلية تلقب "بماما راشد" وهي أم خالي راشد وأخواته.
عودة الجد صالح إلى إفريقيا:
عاد جدي صالح إلى إفريقيا بعد وفاة والده حمود بن جندب وأخيه منصور وأخته نصرى وبمعيته أبناء أخته (علي وسيف أبناء خالد بن سعيد) بينما بقي في عمان أبي ومعه ابن عمه ناصر بن منصور.
سكن الجد صالح ومعه ابن أخته علي بلدة في أفريقيا على حدود تنزانيا تسمى"مهوازا" بينما خلف الجد حمود بن جندب في Gitaga الجد حمد، وظل الجد حمد متنقلاً في تجارته بين "كتيجا" و "رهيجي" يعاونه ابنه البكر "سالم" وكان الخال سالم قد أنشأ تجارة في "رهيجي" يستقبل فيها مزارعي القهوة ويتنقل بين "رهيجي" و"كتيجا" في مواسم شراء المنتجات الزراعية من المحليين.
عندما عادت أمي وأخواتها من عمان سكنوا "كتيجا" ومنها انتقلوا إلى "رهيجي" وظلوا فيها إلى أن أتى أبي من عمان وتزوجها.
- عبد الله السناوي - شارك
-