-
-
ذكريات 34-1 د
رحلة العمل -12
مقر العمل
الخدمات المساندة -1
أداء الموظفين وسلوكهم:
من قرأ المقالة السابقة (ذكريات 33-3) لا شك أنه سيرى من المهم على المدير أو المسئول أن يكون قريباً من موظفيه، وقد تجد كثيراً من الناس لا يرغبون في تغيير أعمالهم أو وظائفهم حتى لو وجدوا أفضل منها بضعف الراتب، والسبب هو ما يعرف في علم الإدارة "ببيئة العمل" لو لم أقف بجانب ذلك الفني العماني لأصيب بالإحباط وقل إنتاجه، وربما تسرب تذمره إلى زملائه العمانيين، وأيضاً كان ما قمت به درساً لذلك الفني المستهتر وعبرة لباقي زملائه الأجانب.
ربما كان يعتقد أن سكوتي عن تصرفاته ناتج من ضعف، لم يدر ما كنت أخطط له لكسر شوكته، وظن صداقتي له تمحو خطاياه بسبب إسلامه على يدي، عندما أخذته إلى سماحة المفتي ليشهر إسلامه من الهندوسية، وأتذكر قلت لسماحة الشيخ في يومها ماذا لو تبين إسلام هذا الشخص من أجل غرض ما؟ رد علي سماحته: (هذا بينه وبين ربه لقد أدينا واجبنا وعلينا أن نيسر له الدين)، ثم طلب من المترجم أن يجتمع به بعد صلاة المغرب بمسجد السلطان قابوس بروي ليستكمل معه باقي المعلومات.
ومنذ أن أشهر إسلامه، بدأت أكن له كل الاحترام، وكان قد أسرني عن مشكلته مع طليقته، وأنه سيتزوج من مسلمة، من هنا أدركت سر إسلامه، وبعد زواجه بفترة بسيطة دعاني لتناول العشاء في بيته، ورأيته يسكب لنفسه كأس "وسكي" قبل العشاء، ومنذ تلك اللحظة بدأت آخذ حذري منه، وعرفت أن خيانة زوجته الأولى له كانت بسبب حماقته، على كل حال بقي هذا الشخص أمره يشغل بالي إلى أن جاءت نهاية عمله بسبب تلك الحماقة التي ارتكبها بالبنك.
بعد ثلاث أو أربع سنوات أي في عام 1990 م تمت ترقيتي لأصبح مديراً للتشغيل(لتطوير الخدمات التقليدية) أي الخدمات التي تحتاج إلى مساندة الموظفين (كخدمات التلغراف، الهاتف الدولي، خدمات دليل الهاتف، خدمة مساندة التلكس، وخدمات المحطة الساحلية) وكانت هذه الأخيرة من أحب الخدمات إلى قلبي وهي تجمع هواياتي المفضلة، هواية البحر وهواية الراديو، الشيء الذي جعلني أنقل مكتبي إلى المحطة الساحلية لأمتع نظري كل صباح بأبراج الهوائيات السلكية المعلقة والتي كنت أراها وأتأملها بمعسكر بيت الفلج قبل عام سبعين.
في الحقيقة عندما تمت ترقيتي لأكون مديراً لأعمال تشغيلية، حزنت كثيراً" كالطفل المفطوم عن الرضاعة" لأني فارقت الهندسة التي كانت تجري في عروقي، وهي كالمخدر الذي أعتدت عليه، فأصبحت، بدلا من التعامل مع أجهزة أتعامل مع بني البشر التي كانت مشاكلهم لا تنتهي،صرت كمن يحفر في الماء. واستمر هذا الوضع حتى عندما عينت مديرا ًللتسويق في عام 2001 م، ولكن كانت مشاكل هذه الدائرة الجديدة من نوع آخر.
ربما أسهلها عندما نقلت بعد سنة إلى منطقتي بالشرقية لأكون مديراً إقليمياً لفرع الشركة هناك حسب توصية معالي الوزير،وفعلاً وجدت الناس هناك وبالذات الموظفين كانوا بحاجة ماسة إلى مساعدتي لهم حيث حرموا من الدورات بسبب البيروقراطية في الإدارة، ولولا حبهم لخدمة أهلهم في المنطقة لأصبحوا أضعف من الذين أدرتهم في مسقط. فعلاً أهملوا لأسباب ذكرت البعض منها في مقالتي السابقة (ذكريات -30) .
- عبد الله السناوي - شارك
-