1. المقدمة

       

      كنا ثلاثة عندما اخترنا أن ندرس هندسة التلغراف، إذ كانت حقبة السبعينات وتلتها حقبة الثمانينات وحتى حقبة التسعينات هذه الحقب هي فترة ازدهار خدمة التلغراف، والتي اشتق منها خدمة التلكس، وكانت خدمة التلكس في حقبة التسعينات من الخدمات التي تحولت إلى الخدمات الرقمية بالكامل، تلته   بعد ذلك خدمة الهاتف التي أتت بالخدمات  الإضفية على دوائر الهاتف، واستحوذت على الخدمات التي اشتق منها التلغراف والتلكس والدوائر المؤجرة، إلى أن اصبحت دوائر معطيات وتراسل معطيات وتطورت بعد ذلك إلى الخدمات التي نراها الآن، كالإنترنت على النقال أو المحمول (الموبايل)، وزميلنا الذي سيأتي ذكره في هذه المقالة عن مشكلته مع المسؤول الإنجليزي؛ كان أذكانا في الدراسة حتى كاد لا يذاكر دروسه عن قرب الامتحانات ويجتاز الامتحانات بتفوق، بالرغم من ضعفه في اللغة الإنجليزية

       

      ذكريات 33-1دت خدمات المدونات

      رحلة العمل -9

      مقر العمل

      خدمات المدونات -1

      قصة Terry Stone:

      To read the article in other languages; Please click on the word “Language” at the top left of the page, highlighted in brown

       ملاحظة: لقراءة هذا الموضوع تلقاءيا اطبع على "جوجل سيرش" السناوي الأسرة ثم عنوان أو رقم الموضوع

      جميع دوائر المعطيات والتلغراف وخطوط التلكس حتى نهاية فترة ترأسي لقسم (التلغراف وتراسل المعطيات) في شركة الاتصالات عام 1990م تمر عبر "مركز الفحص والصيانة" التابع لهذا القسم ويسمى بالانجليزيةISTC international switching & testing center حيث غير مسماه من mux control إلى الاسم الجديد وذلك بعد الانتقال من مسقط إلى روي في حوالي عام 1978م، وكان المركز في السابق جزءاً من مكتب التلغراف المركزي الـ CTO وهو القسم الفني الذي يشغل أجهزته المركزية والطرفية بما في ذلك الهاتف الدولي الذي يمر عبر دوائر الراديو.

       

      كان مركز الـ mux control في مقر الـ CTO بمسقط و يحتوي على أجهزة عديدة منها أجهزة الإرسال اللاسلكية (الراديو) الـHF. UHF, VHF التي تمر عبرها المكالمات الهاتفية الخارجية والرسائل التلغرافية (البرقيات)، وهذه الأجهزة ضخمة في كبينات معدنية يصل حجمها بحجم دواليب الملابس، وأتذكر عندما رافقت والدي لأخذ تأشيرة سفرنا إلى أفريقيا عام 1962 كانت أبراج هوائيات هذه الأجهزة موجودة داخل فناء السفارة البريطانية المجاورة لمكتب الـ CTO قبل أن تنقل الأجهزة وأبراجها إلى مرتفعات ألوطية عام 1975م.

       

      وتستخدم قنوات الـ VHF لاتصالات السفن وخدمات الطوارئ بموجب الاتفاق الدولي للملاحة البحرية، وكان هذا الجزء مخصصاً له غرفة صغيرة خارج الـ CTO أمام المدخل يعرف بالخدمة الساحلية الـ ship shore. لقد زرت هذا المكان ـ عندما كان ابن خالي يعمل مشغلاً لاسلكياً هناك ـ عام 1972 أي قبل أن التحق بالشركة بثلاثة أعوام، مازلت طالباًفي ذلك الوقت بإمارة أبو ظبي.

       

      عندما التحقت بالـ CTO عام 1975م كانت معظم الأجهزة في الـ mux control قد أزيلت ونقلت أجهزة الراديو إلى مرتفعات الوطية لتصبح بعد ذلك محطة الوطية الساحلية، وبقيت في الـ mux control الأجهزة التي تخص التلكس والتلغراف إلى أن تم الانتقال نهائياً إلى المقر الجديد بروي، ليتغير الاسم إلى ISTC، ويصبح قسماً مستقلاً بذاته يعنى بفحص وصيانة وتوفير خدمات الدوائر التلغرافية والمعطيات وتوصيلات التلكس، بعد أن تم تركيب مقسم التلكس الرقمي الجديد الـ EDX.

       

      أتذكر عندما دخلت الـ CTO في مسقط أول مرة و جدت في الـ mux control أجهزة قديمة هالكة، لم أكن أتصورها، وكانت بيئة العمل كئيبة والمكان ذاته ضيق مشعوذ، هناك طابعات من نوع "سيمنز" وبعضها ربما من مخلفات الحرب العالمية الثانية كطابعات من نوع "كريد" الضخمة وبدالة تلكس يدوية، وأجهزة لحمل الإرسال التلغرافي الـ TOR وهياكل توزيع، وكل شيء يعتمد على الخبرة، ويفصل حسب الطلب، وإن لم تكن لديك إلمام تام بالالكترونيات بجانب اللغة الانجليزية عليك عن تبحث لك عن عمل آخر، لا مجال "للدلع" أو الواسطة.

       قصة Terry Stone:

      بعد فترة وجيزة من التحاقنا بالـ CTO وجد زميلي الذي هو من صلالة العذر للانتقال إلى منطقته، أما زميلنا الثالث فقد كان لديه مشاكله الخاصة بدءاً من التأخر عن الدوام ثم احتكاكه مع رئيس القسم الإنجليزي "تيري ستون" وكان لكل منهما وجهة نظره الخاصة نحو الآخر، وكان زميلنا هذا لديه بعض التحفظات أو بصورة أوضح "التمرد" على الأوروبيين، كان عنيداً و لا يرتاح للإنجليز.

       يرى أنه من حقه أن يدلل ويراعى ويشجع حتى يستقر لكونه مواطناً عمانياً له الحق في الاستمتاع بنهضة بلاده بعد التشرد الذي دام سنين طويلة في الخليج، وكان المسئول الإنجليزي لا يعي هذا الكلام ويعامله معاملة خشنة الشيء الذي كان يثير غضب زميلنا، أي: (إما أنت تشتغل أو أن ترحل) لا خيار كالمثل الإنجليزي الذي يقول take it or leave it وأتذكر عندما كان يغضب هذا الإنجليزي من زميلنا كان يستدعيه إلى مكتبه و يبدأ بصب جام غضبه عليه، وزميلنا "حر" لا يستحمل الإهانات، أنه من طلبة الكويت التي كانت بها أيديولوجيات ideologies تحرض على كراهية الغرب في نفوس العرب، وكلنا عشنا تلك المشاعر باعتبارهم شعوب استعمارية، لذا كان زميلنا لا يعرف أن يطأطيء رأسه ويكون كباقي المسترزقين: (yes sir. Yes sir. Sorry sir) أو كما يفعل الغير، والمسئول الإنجليزي هذا أيضاً لا يرضى بالتنازل كان يرفع أنفه أكثر من اللازم، لم يعتد أن يرى أحداً يجادل إنجليزياً قط.

       وصل بينهم الجدال إلى مرحلة الاحمرار وإلى درجة دفع فيه الغصب هذا الإنجليزي على أن يضرب بقبضة يده طاولة مكتبه لكي يلفت انتباه زميلنا بأنه هو المسئول وهو الذي له الكلمه العليا والأولى والأخيرة في الشركة؛ ليشعل ذلك التصرف نار الغضب لدى زميلنا فرد عليه زميلنا بنفس الأسلوب بضرب الطاولة وهكذا استمر الجدال بينهم هذا يضرب الطاولة وذاك يرد بالمثل، وصارت مثل مباراة في دق الطبول، ثم قال زميلنا للإنجليزي:(اسمع يا ستون أي يا "صخر" فإذا كان اسمك صخراً "ستون" stone فأنا "ستيل" steel أي حديد سأكسر صخرك)، واستمر الجدال والصراخ بينهم والضرب على طاولة المكتب إلى أن خرج منه زميلنا تاركاً للإنجليزي العمل ولم يعد.

       فالحقيقة ربما كان زميلنا لديه الحق نتيجة سوء المعاملة السابقة التي تلقيناها، فبدلاً من الترحيب كنا نعامل معاملة "موظفي الدرجة الثانية" ويطلق علينا الأجانب locals أي "محليين" وهذه الكلمة استعمارية تستعمل للشعوب التي تعيش في الأدغال بعيداً عن مظاهر الحياة، فلقد شوَّه الاستعمار الدلالة اللغوية للكلمة.

       هكذا ولفترة أنقطع زميلنا عن العمل وفضّل العمل في التجارة الحرة مستعيناً برأس مال بسيط من إرث أبيه أو ربما ساعدته والدته.

      بعد مدة حصلت أنا وزميلي الآخر على بعثة دراسية إلى أوروبا في انجلترا وإيطاليا على نفقة الإتحاد الدولي للمواصلات السلكية واللاسلكية ITU.

       

       

      1. عبد الله السناوي - شارك