-
-
إلصورة مهداة من ابن أختي نبهان بن خليفة الشيادي، التقطت فيما أظن يوم الجمعة الموافق ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤ بواسطة فوزية بنت محمد بن سالم السناوية بمنزل صهري حمد بن عامر الحجري
إذا كان المتحدث مجنونا فالمستمع عاقلا - ٢٦٣
اطلعت على مقطع فيديو على قناة اليو تيوب به عماني طاعن في السن، قد تجاوز عمره ربما الستين عاما، متقاعد من القطاع الخاص، رجل بدى به الشيب يرتدي (كمة) عمانية ونظارة طبية وتميل بشرته الى السمرة قليلا، يتحدث بصوت جهوري، طرح مشكلته موجها "استفساره، واسءلته، وشكواه إلى المسؤولين"، بأنه متقاعد من قطاع خاص ويتقاضى معاش تقاعديا قدره ٢٠٠ ريال ويتساءل عن ما يكفي هذا المبلغ وعدد مصروفاته المعيشية، ثم علق على الأخبار المتداولة، التي تفيد بأن هناك فائض في الموازنة العامة، وقال "إذا كان هذا الفائض لا يأثر في حياة المواطن المعيشية، ليس منه فائدة"، ذاكرا المسرحين من العمل والآلاف المواطنين بدون عمل واستمر في الحديث الى ان انقطع المقطع
رأيي في كلامه معقول، ربما إذا توجه إلى صندوق الحماية الإجتماعية لربما سيجد الحل، هناك مساعدة لكبار السن من هذا الصندوق لكل من بلغ سن الستين مبلغ قدره ١١٥ ريالا
على كل حال؛ إذا جئنا نحسب بأن في المتوسط عدد افراد العائلة العمانية؛ لا يقل عن ٥ افراد، وهؤلاء يسكنون في بيت يفترض أن يكون عدد الغرف فيه ٣ غرف نوم، و مجلس، وصالة معيشة بالإضافة الى عدد ٢ حمام ومطبخ
أي سيكون مصروف الكهرباء فيه؛ والماء وشبكة الواي - فاي لا يقل عن ٦٠ ريالا
الماء والكهرباء ٤٠ ريالا إن زاد أو قل كل منهما بقليل
أما الإنترنت أو الواي - فاي سعره ثابت ٢٦ ريالا، وبالتالي يبقى مصروف النقل بما فيه اقساط السيارة و التجديد والبنزين، والصيانة الدورية، خلاف ذلك لا تقل عن ١٥٠ ريالا، (هذا إذا كانت السيارة قد اشتريت بقيمة ٥٠٠٠ ريالا، واقساطها ٧٥ ريالا شهريا، على مدى ٥ سنوات
ثم يأتيك إجار البيت أو اقساطه ١٥٠ ريالا على أقل تقدير ثم مصروف المعيشة الذي لا يقل عن ٢٠٠ ريال، هذا إذا كانت الزوجة لا تعمل
الراتب الذي يقل عن ٥٠٠ ريال لا يقيم أسرة عمانية فالمسالة يحتاج لها دراسة متأنية من قبل الحكومة وهذا من أهم التحديات ستواجه الحكومة، لتأمين الاستقرار، المعيشي، الاجتماعي، و الأمني أيضا، ناهيك عن الباحثين عن عمل عدم الاستهانة بالأمر، إذ "معظم النار من مستصغر الشرر" ؛
كما يقال هناك مثل عماني آخر؛ يقول "إذا كان المتحدث مجنونا فالمستمع عاقلا" أنا عايشت أمثال هؤلاء الناس تقريبا كل يوم، ليس كل الناس سوى، كما حسب وجهة نظر أحد الأصدقاء؛... في الحقيقة لم أعرف مشاكل الناس؛ إلا بعد أن عاشرتهم، ذلك عندما بدأت استخدم سيارة الأجرة في تنقلاتي، واسمع تذمرهم
هناك من أكمل دراسته ويبحث عن عمل، وهناك من سرح من عمله بدون سبب، واستبدل بوافد، لأن تكلفته أقل، ومنهم من يإس و أتجه للعمل في مهن السياقة؛ سيارات الأجرة "التاكسي" مثلا، والتي ايضا هي الأخرى اصبح مردودها قليل، بسبب سهولة تملك الوافدين على سيارات خاصة، منهم من يستخدمها لمنافسة العمانيين في مهنة "توصيل الطلبات"...لم يتبق للمواطن شيء إلا و نوفس فيه
أنا لست ضد أي وافد يعمل و يعيش بشرف، ولكن حجم السوق ضيق في سلطنة عمان بعكس الدول المجاورة، ضف إلى ذلك منافسة الوافد للمواطن اصبحت حتى في الأعمال الحرة، المنافسة الغير عادلة، تجد مثلا مواطن خريج من كلية مهنية، متخصص في مهنة فنية ما؛ تجده يجوب البلاد شرقا وغربا باحثا عن عمل في بينما يتربع الوافد بكل سهولة في أعلى المناصب بالشركات كبيرة كانت أم صغيرة حتى في المهن اليدوية التي تحتاج إلى تعليم أكاديمي؛ ينافسه عامل اسيوي تعلم المهنة بالمحاكاة أو بالممارسة من صديقه، لا يدري أصولها ولا قواعدها، غير واع بمواصفاتها الفنية، وبعد مدة من مغادرة هذا العامل الأسيوي يظهر للمستهلك عيوب عمله، و السبب؛ لا توجد رقابة جدية من المعنيين بالحكومة لتطبيق قانون ممارسة المهن الفنية خاصة الخطرة، كالأعمال الكهربائية و وصلات شبكات الاتصال التي تسند أعمالها لشركات تعمل من الباطن
هذا وإذا نظرنا من جهة أخرى إلى تكاليف المعيشة المرتفع؛ (الماء، الكهرباء، والنقل وحاجة التعليم الحديث لشبكات الانترنت)؛ سنجدها أمور خارج نطاق تحكم المواطن بها، ليست مسألة "مد رجليك على قد لحافك" كما علق أحد الأصدقاء؟ على مقالي،...هذا إذا كان هناك لحافا يكفي لتغطية الرجلين؟؛
لقد ذكرت كل تفاصيل المصروفات في المقال السابق، واعتقد كل شيء واضح، ضف إلى ذلك السكن سواء كان التملك بطريق الاقساط أو كان بإجار، إننا تتحدث عن تكاليف، تتجاوز ٤٠٠ ريال سواء كان لشخصين أو ٥ اشخاص، أنا لا أتحدث عن وافد عدد افراد عائلته ربما ٣ أو اربعة يسكنون في بيت "خربة" بالأحياء الشعبية القديمة، معظم الذين يتحدثون عن مشكلاتهم من العمانيين هم من ممن عدد افراد أسرهم لا يتجاوز الأربعة أو خمسة افراد، ودخلهم كما ذكر هذا الرجل الذي ظهر في الفيديو المتقاعد بأن دخلهم ٢٠٠ ريال، ليست المشكلة في من لديه الصحة والعافية، بل المشكلة ممن تقاعد ويتقاضى معاشا تقاعديا ٢٠٠ ريال أو أقل، وهو قد تجاوز الستين من العمر، وما زالوا اطفاله في المدارس، لأن المشكلة كانت من البداية؛ بداية تكوين حياته؛ تزوج متأخرا نتيجة لظروف معيشة، وعدم استقرار العمل، أنا عندما اكتب مثل هذه المواضيع انظر للمشكلة من جميع جوانبها، يفترض الظروف المعيشية بالنسبة للمواطن العماني الآن أفضل؛...أن تكون أفضل مما هي عليه الآن، نبيع البترول، والغاز، واستجلبنا الشركات لتستثمر في العقارات، لدينا مئات الشركات الصناعية الأجنبية التي تستثمر في منطقة الدقم الصناعية، وفي مناطق أخرى من كبرى محافظات سلطنة عمان، ومازالت الحكومة تبرم مزيد من الاتفاقيات الاستثمارية مع الدول مع ذلك الحال كما هو، مازال عدد العمانيين الباحثين عن العمل في تزايد مستمر، هذا ناهيك عن العمانيين الذين يسرحون كل يوم من عملهم بحجة إفلاس الشركة، ويستبدلونهم من تحت الطاولة بأجانب
- عبد الله السناوي - شارك
-